فالإكمال منصب على نفس الشئ، لرفع نقص أجزائه أو ثلمه..
أما الإتمام فهو أعم منه لأنه قد ينصب على نفس الشئ أو هدفه وغرضه..
فقوله تعالى (أكملت لكم دينكم) معناه إكماله بتنزيل جزئه المكمل لمركبه، وبدونه يبقى الإسلام ناقصا مثلوما، بمثابة غير الموجود. وهو تعبير آخر عن قوله تعالى (فإن لم تفعل فما بلغت رسالته) لأن الإسلام للمركب من الدين وآلية تطبيقه التي هي الإمامة، وعدم تبليغ الجزء المكمل للمركب يساوي عدم تبليغ شئ منه!
أما قوله تعالى (وأتممت عليكم نعمتي) فهو يعني النعمة بتنزيل الإسلام وشروط تحقيق أغراضه وأهدافه في الأرض، فهو تعالى بإكمال مركب الدين بالإمامة أتم النعمة على المسلمين ، وبها ضمن تحقيق هدف الدين في الأرض، إن هم أطاعوا الإمام الذي نصبه لهم.
وبذلك يتضح أن الإمامة جزء لا يتجزأ من الإسلام، فلا وجود حقيقيا له بدونها، لأن وجوده الشكلي بمثابة العدم.. كما أن تبليغ النبي للإمامة تتميم للنعمة الإلهية على هذه الأمة ، فالنعمة موجودة بدون تبليغها، لكنها لا تكون تامة إلا بها!
وللراغب الأصفهاني لفتة جيدة في معنى الآية، وهي أن إكمال الدين يعني ثبات صيغته النهائية وعدم نزول النسخ عليه إلى يوم القيامة.. قال في مفرداته ص 440: (وقوله: وتمت كلمة ربك، إشارة إلى نحو قوله: اليوم أكملت لكم دينكم.. الآية، ونبه بذلك أنه لا تنسخ الشريعة بعد هذا). انتهى.
وهذه يعني أن النسخ كان مفتوحا في القرآن والسنة حتى نزلت الإمامة، فانتهى النسخ وكمل الدين بصيغته الخالدة، وتمت به النعمة.
استعمال الكمال والتمام في القرآن وإذا تأملت المورد الوحيد الذي استعمل فيه القرآن لفظ (أكملت)! والموارد الأربعة الأخرى التي استعمل فيها مشتقات (كمل)، والموارد الأكثر التي استعمل فيها مشتقات (تم).. يتأكد لك ما ذهبنا إليه من التفريق بينهما.
ونكتفي بآية جمعت بينهما، وهي قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة). سورة البقرة - 232 فصفة الكمال للحولين تعني أن الحولين اسم مركب ينتفي بانتفاء جزء منه، فإن نقصت الرضاعة