آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ٢٣٤
أول ما يواجه الباحث في آية إكمال الدين غرابة مكانها في القرآن، فظاهر ما رواه المحدثون والمفسرون عنها، أنها نزلت في حجة الوداع آية مستقلة لا جزء آية.. ثم يجدها في القرآن جزء من آية اللحوم المحرمة، وكأنها حشرت حشرا في وسطها، بحيث لو رفعنا آية إكمال الدين منها لما نقص من معناها شيء، بل لا تصل السياق !!
فما هي الحكمة من هذا السياق؟ وهل كان هذا موضعها الأصلي من القرآن، أم وضعت هنا باجتهاد بعض الصحابة؟!
نحن لا نقبل القول بوقوع تحريف في كتاب الله تعالى، معاذ الله، لكن نتساءل عسى أن يعرف أحد الجواب: ما هو ربط آية إكمال الدين باللحوم المحرمة؟ ألا يحتمل أن تكون بالأساس في خاتمة سورة المائدة مثلا، ولم يلتفت إلى ذلك الذين جمعوا القرآن، فوضعوها هنا.
ثم.. قد يقبل الإنسان أن تكون الآية نزلت بعد آيات بيان أحكام اللحوم ولكن كيف يمكن أن ينزلها الله تعالى في وسط أحكام اللحوم؟!
فإذا قال الله تعالى: أكملت لكم دينكم، فقد تمت الأحكام، فكيف يقول بعدها مباشرة : (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم؟! ثم يقول بعدها مباشرة : (يسألونك ماذا أحل لهم، قل أحل لكم الطيبات وما علمتم... إلى آخر أحكام الدين الذي قال عنه أحكم الحكماء سبحانه قبل لحظات: إنه قد أكمله وأتم نعمته به؟!!
قال في الدر المنثور: 2 / 259:
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله: اليوم أكملت لكم دينكم قال: هذا نزل يوم عرفة، فلم ينزل بعدها حرام ولا حلال. انتهى.
وقال في: 2 / 257:
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس... فلما كان واقفا بعرفات نزل عليه جبريل وهو رافع يده والمسلمون يدعون الله: اليوم أكملت لكم دينكم، يقول حلالكم وحرامكم فلم ينزل بعد هذا حلال ولا حرام. انتهى.
والأحاديث والأقوال في عدم نزول أحكام بعد الآية كثيرة، وقد مر بعضها، ولا نحتاج إلى
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»