ما هو السر في اتخاذ تربة طاهرة؟
بقي هنا سؤال يطرحه كثيرا إخواننا أهل السنة حول سبب اتخاذ الشيعة تربة طاهرة في السفر والحضر والسجود عليها دون غيرها. وربما يتخيل البسطاء - كما ذكرنا سابقا - أن الشيعة يسجدون لها لا عليها، ويعبدون الحجر والتربة، وذلك لأن هؤلاء المساكين لا يفرقون بين السجود على التربة، والسجود لها.
وعلى أي تقدير فالإجابة عنها واضحة، فإن المستحسن عند الشيعة هو اتخاذ تربة طاهرة طيبة ليتيقن من طهارتها، من أي أرض أخذت، ومن أي صقع من أرجاء العالم كانت، وهي كلها في ذلك سواء.
وليس هذا الالتزام إلا مثل التزام المصلي بطهارة جسده وملبسه ومصلاه، وأما سر الالتزام في اتخاذ التربة هو أن الثقة بطهارة كل أرض يحل بها، ويتخذها مسجدا، لا تتأتى له في كل موضع من المواضع التي يرتادها المسلم في حله وترحاله، بل وأنى له ذلك وهذه الأماكن ترتادها أصناف مختلفة من البشر، مسلمين كانوا أم غيرهم، ملتزمين بأصول الطهارة أم غير ذلك، وفي ذلك محنة كبيرة تواجه المسلم في صلاته لا يجد مناصا من أن يتخذ لنفسه تربة طاهرة يطمئن بها وبطهارتها يسجد عليها لدى صلاته حذرا من السجدة على الرجاسة والنجاسة، والأوساخ التي لا يتقرب بها إلى الله قط ولا تجوز السنة السجود عليها ولا يقبله العقل السليم، خصوصا بعد ورود التأكيد التام البالغ في طهارة أعضاء المصلي ولباسه والنهي عن الصلاة في مواطن منها:
1 - المزبلة، والمجزرة، وقارعة الطريق، والحمام، ومعاطن الإبل، بل والأمر بتطهير المساجد وتطييبها (1).
وهذه القاعدة كانت ثابتة عند السلف الصالح وإن غفل التاريخ عن نقلها، فقد