بذلك، ولا يعد مثل ذلك معارضا للقرآن الكريم، لأنه ناظر إلى أحوالهم في ظروف خاصة، لا في جميع فصول حياتهم، فليس علينا رفع اليد عن السنة والتاريخ الصحيح بحجة أن القرآن الكريم مدحهم، وأن الله تعالى كان في وقت ما راضيا عنهم، لما عرفت من أن المقياس القاطع للقضاء هو دراسة جميع أحوالهم وإخضاعها للقرآن والسنة، فكم من مؤمن زلت قدمه في الحياة، فعاد منافقا، أو مرتدا، وكم من ضال شملته العناية الإلهية، فبصر الطريق وصار رجلا إلهيا.
وبالجملة: فمن ثبت عن طريق الدليل الصحيح انحرافه وزيغه عن الصراط المستقيم وشوب إيمانه بالظلم والعيث والفساد، فيؤخذ بما هو الثابت في ذينك المصدرين، وأما من لم يثبت زيغه فلا نتكلم في حقه بشئ سوى ما أمر الله به سبحانه من طلب الرحمة لهم حيث قال: {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} (1).
3 - ومن سوء الحظ أن شرذمة قليلة من الصحابة زلت أقدامهم وانحرفوا عن الطريق، فلا تمس دراسة أحوال هؤلاء القليلين، وتبيين مواقفهم، وانحرافهم عن الطريق المستقيم بكرامة الباقين، ولعل عدد المنحرفين (غير المنافقين) لا يتجاوز العشرة إلا بقليل.
أفيسوغ في ميزان العدل رمي الشيعة بأنهم يكفرون الصحابة ويفسقونهم بحجة أنهم يدرسون حياة عدة قليلة منهم ويذكرون مساوئ أعمالهم، وما يؤاخذ عليهم على ضوء الكتاب والسنة والتاريخ الصحيح.
وما نسب إلى الحسن البصري فهو أولى بالإعراض عنه، إذ لو كانت النجاة في ترك ذكرهم، فلماذا اهتم ببيان أفعالهم وصفاتهم التاريخ المؤلف بيد السلف الصالح