يملأ جميع الفراغات الحاصلة جراء رحلة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، فلا مناص من لزوم عصمته، وذلك لأن تجويز المعصية يتنافى مع الغاية التي لأجلها نصبه الله سبحانه إماما للأمة، فإن الغاية هي هداية الأمة إلى الطريق المهيع، ولا يحصل ذلك إلا بالوثوق بقوله، والاطمئنان بصحة كلامه، فإذا جاز على الإمام الخطأ والنسيان، والمعصية والخلاف، لم يحصل الوثوق بأفعاله وأقواله، وضعفت ثقة الناس به، فتنتفي الغاية من نصبه، وهذا نفس الدليل الذي استدل به المتكلمون على عصمة الأنبياء، والإمام وإن لم يكن رسولا ولا نبيا ولكنه قائم بوظائفهما.
نعم لو كانت وظيفة الإمام مقتصرة على تأمين السبل وغزو العدو والانتصاف للمظلوم وما أشبه ذلك، لكفى فيه كونه رجلا عادلا قائما بالوظائف الدينية، وأما إذا كانت وظيفته أوسع من ذلك - كما هو الحال في مورد النبي (صلى الله عليه وآله) - فكون الإمام عادلا قائما بالوظائف الدينية، غير كاف في تحقيق الهدف المنشود من نصب الإمام.
فقد كان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) يفسر القرآن الكريم ويشرح مقاصده وأهدافه ويبين أسراره، كما كان يجيب على الأسئلة في مجال الموضوعات المستحدثة، وكان يرد على الشبهات والتشكيكات التي كان يلقيها أعداء الإسلام، وكان يصون الدين من محاولات التحريف والتغيير، وكان يربي المسلمين ويهذبهم ويدفعهم نحو التكامل.
فالفراغات الحاصلة من رحلة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) لا تسد إلا بوجود إنسان مثالي يقوم بتلك الواجبات، وهو فرع كونه معصوما عن الخطأ والعصيان (1).
الثاني: قوله سبحانه: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم "} (2).
والاستدلال مبني على دعامتين: