الرازي - بما هو أشد غموضا، إذ هو ليس بأوضح من الأول، فهل المراد منهم:
العساكر والضباط، أو العلماء والمحدثون، أو الحكام والسياسيون، أو الكل؟ وهل اتفق إجماعهم على شئ، ولم يخالفهم لفيف من المسلمين؟
إذا كانت العصمة ثابتة للأمة عند الرازي كما علمت، فهناك من يرى العصمة لجماعة من الأمة كالقراء والفقهاء والمحدثين، هذا هو ابن تيمية يقول في رده على الشيعة عند قولهم: إن وجود الإمام المعصوم لا بد منه بعد موت النبي يكون حافظا للشريعة ومبينا أحكامها خصوصا أحكام الموضوعات المتجددة، حيث يقول:
إن أهل السنة لا يسلمون أن يكون الإمام حافظا للشرع بعد انقطاع الوحي، وذلك لأنه حاصل للمجموع، والشرع إذا نقله أهل التواتر كان ذلك خيرا من نقل الواحد، فالقراء معصومون في حفظ القرآن وتبليغه، والمحدثون معصومون في حفظ الأحاديث وتبليغها، والفقهاء معصومون في الكلام والاستدلال (1).
وهذا الرأي أغرب من سابقه وأضعف حجة! فكيف يدعي العصمة لهذه الطوائف مع أنهم غارقون في الاختلاف في القراءة والتفسير، والحديث والأثر، والحكم والفتوى، والعقيدة والنظر؟ ولو أغمضنا عن ذلك، فما الدليل على عصمة تلكم الطوائف، خصوصا على قول البعض بأن القول بالعصمة تسرب من اليهود إلى الأوساط الإسلامية؟
الثالث: قوله سبحانه: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين " (2).
والاستدلال بالآية على عصمة الإمام يتوقف على تحديد مفهوم الإمامة الواردة في الآية وأن المقصود منها غير النبوة وغير الرسالة، فأما الأول فهو عبارة