ثوابا، وإن شئت قلت: إن المعصوم قد بلغ من التقوى حدا لا تتغلب عليه الشهوات والأهواء، وبلغ من العلم في الشريعة وأحكامها مرتبة لا يخطأ معها أبدا.
وليست العصمة فكرة ابتدعتها الشيعة، وإنما دلهم عليها في حق العترة الطاهرة كتاب الله وسنة رسوله، قال سبحانه: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (1) وليس المراد من الرجس إلا الرجس المعنوي، وأظهره هو الفسق.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " علي مع الحق والحق مع علي يدور معه كيفما دار " (2) ومن دار معه الحق كيفما دار محال أن يعصي أو أن يخطأ، وقوله (صلى الله عليه وآله) في حق العترة:
" إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا " (3) فإذا كانت العترة عدل القرآن والقرآن هو كلام الله تعالى، فمن المنطقي أن تكون معصومة كالكتاب، لا يخالف أحدهما الآخر.
وإذا توضحت الصورة الحقيقية لتبلور عقيدة العصمة عند الشيعة، وإن منشأها هو الكتاب والسنة، فإن هذا الوضوح لم يتحسسه البعض، بل ولم يكلف نفسه عناء التثبت من حقيقة مدعياته وتصوراته، حيث يقول:
" إن عقيدة العصمة تسربت إلى الشيعة من الفرس الذين نشأوا على تقديس الحاكم، لهذا أطلق عليها العرب النزعة الكسروية، ولا أعرف أحدا من العرب قال ذلك في حدود اطلاعي، ولعل غالبية الشيعة كانت ترمي من وراء هذه الفكرة إلى تنزيه علي من الخطأ حتى يتضح للملأ عدوان بني أمية في اغتصاب الخلافة.