1 - إن الله سبحانه أمر بطاعة أولي الأمر على وجه الإطلاق، أي في جميع الأزمنة والأمكنة، وفي جميع الحالات والخصوصيات، ولم يقيد وجوب امتثال أوامرهم ونواهيهم بشئ كما هو مقتضى الآية.
2 - إن من الأمر البديهي كونه سبحانه لا يرضى لعباده الكفر والعصيان: {ولا يرضى لعباده الكفر} (1) من غير فرق بين أن يقوم به العباد ابتداء من دون تدخل أمر آمر أو نهي ناه، أو يقومون به بعد صدور أمر ونهي من أولي الأمر.
فمقتضى الجمع بين هذين الأمرين (وجوب إطاعة أولي الأمر على وجه الإطلاق، وحرمة طاعتهم إذا أمروا بالعصيان) أن يتصف أولو الأمر الذين وجبت إطاعتهم على وجه الإطلاق، بخصوصية ذاتية وعناية إلهية ربانية، تصدهم عن الأمر بالمعصية والنهي عن الطاعة. وليس هذا إلا عبارة أخرى عن كونهم معصومين، وإلا فلو كانوا غير واقعين تحت تلك العناية، لما صح الأمر بإطاعتهم على وجه الإطلاق بدون قيد أو شرط. فنستكشف من إطلاق الأمر بالطاعة اشتمال المتعلق على خصوصية تصده عن الأمر بغير الطاعة.
وممن صرح بدلالة الآية على العصمة الإمام الرازي في تفسيره، ويطيب لي أن أذكر نصه حتى يمعن فيه أبناء جلدته وأتباع طريقته، قال:
إن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية، ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لا بد وأن يكون معصوما عن الخطأ، إذ لو لم يكن معصوما عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته، فيكون ذلك أمرا بفعل ذلك الخطأ، والخطأ لكونه خطأ منهي عنه، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد، وأنه محال، فثبت أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم، وثبت أن كل من أمر الله بطاعته على سبيل