أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٣٨٠
تأخذ بالمفهوم التصديقي للجملة لا بالمفهوم التصوري للمفردات، فيقولون: إن معنى: {بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} (1) معناه: أنه برئ من البخل، بل هو باذل وسخي، وقادر على البذل. وأما الأشاعرة فهم يفسرونها بالمفهوم التصوري ويقولون: إن لله سبحانه يدين، إلا أنهم يتهربون عن التجسيم والتشبيه بقولهم: بلا كيف.
3 - أفعال العباد عند الإمامية صادرة من نفس العباد، صدورا حقيقيا بلا مجاز أو توسع، فالإنسان هو الضارب، هو الآكل، هو القاتل، هو المصلي، هو القارئ وهكذا، وقد قلنا: إن استعمال كلمة " الخلق " في أفعال الإنسان استعمال غير صحيح، فلا يقال: خلقت الأكل والضرب والصوم والصلاة، وإنما يقال: فعلتها، فالصحيح أن يقال: إن الإنسان هو الفاعل لأفعاله بقدرة مكتسبة من الله، وإن قدرته المكتسبة هي المؤثرة بإذن من الله سبحانه.
وأما الأشاعرة فذهبوا إلى أن أفعال العباد مخلوقة لله سبحانه، فليس للإنسان فيها صنع ولا دور، وليس لقدرته أي تأثير في تحقق الفعل، وأقصى ما عندهم أن إرادة الإنسان للعقل تقارن إيجاد الله سبحانه فعله في عالم التكوين والوجود.
إلا أنهم وتحاشيا من الذهاب إلى الجبر في تلك الأفعال وبالتالي إقصاء الإنسان عن أفعاله، ومن ثم براءته من مسؤوليتها عمدوا إلى ابتداع نظرية الكسب المعقدة فقالوا: إن الله هو الخالق والإنسان هو الكاسب، إلا أنها نظرية غريبة غير مفهومة، ومليئة بالألغاز التي عجز عن فهمها وإيضاحها حتى مبتدعوها أنفسهم.
4 - إن الاستطاعة في الإنسان على فعل من الأفعال تقارنه تارة، وتتقدم عليه أخرى، فلو أريد من القدرة العلة التامة فهي مقارنة، ولو أريد العلة الناقصة فهي

(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»