ومن قال: بأن الإمام بعد الرسول أشبه برئيس الدولة أو أحد الحكام، وتنتخبه الأمة الإسلامية، قال في حقه: " ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يدا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله فريضة ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة. والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين، برهم وفاجرهم، إلى قيام الساعة، ولا يبطلهما شئ، ولا ينقضهما " (1).
وقد درج على هذه الفكرة متكلمو السنة ومحدثوهم، حتى قال التفتازاني:
" ولا ينعزل الإمام بالفسق، أو بالخروج عن طاعة الله تعالى، والجور (الظلم على عباد الله) لأنه قد ظهر الفسق وانتشر الجور من الأئمة والأمراء بعد الخلفاء الراشدين، والسلف كانوا ينقادون لهم، ويقيمون الجمع والأعياد بإذنهم، ولا يرون الخروج عليهم، ونقل عن كتب الشافعية: أن القاضي ينعزل بالفسق بخلاف الإمام، والفرق أن في انعزاله ووجوب نصب غيره إثارة الفتنة، لما له من الشوكة، بخلاف القاضي " (2).
أما من فسر الإمامة بأنها عبارة عن إمرة إلهية واستمرار لوظائف النبوة كلها سوى تحمل الوحي الإلهي، فلا مناص له عن القول بوجوب نصبه على الله سبحانه.
وقد استدلت الإمامية على وجوب نصب الإمام على الله سبحانه: بأن وجود الإمام الذي اختاره الله سبحانه، مقرب من الطاعات، ومبعد عن المعاصي، وقد