(الفلس) ليهدمه في مائة وخمسين من الأنصار ليس فيها مهاجر واحد، ومعهم خمسون فرسا وظهرا، فامتطوا الإبل وجنبوا الخيل، وأمره أن يشن الغارات، فخرج بأصحابه معه راية سوداء ولواء أبيض، معهم القنا والسلاح الظاهر، وقد دفع رايته إلى سهل بن حنيف، ولواءه إلى جبار بن صخر السلمي، وخرج بدليل من بني أسد يقال له حريث، فسلك بهم على طريق فيد (جبل)، فلما انتهى بهم إلى موضع قال: بينكم وبين الحي الذي تريدون يوم تام، وإن سرناه بالنهار وطئنا أطرافهم ورعاءهم فأنذروا الحي فتفرقوا، فلم تصيبوا منهم حاجتكم ولكن نقيم يومنا هذا في موضعنا حتى نمسي، ثم نسري ليلتنا على متون الخيل فنجعلها غارة حتى نصبحهم في عماية الصبح، قالوا: هذا الرأي!
فعسكروا وسرحوا الإبل واصطنعوا، وبعثوا نفرا منهم يتقصون ما حولهم، فبعثوا أبا قتادة والحباب بن المنذر وأبا نائلة، فخرجوا على متون خيل لهم يطوفون حول المعسكر، فأصابوا غلاما أسود فقالوا: ما أنت؟ قال: أطلب بغيتي.
فأتوا به عليا عليه السلام، فقال: ما أنت؟ قال: باغ. قال: فشدوا عليه، فقال:
أنا غلام لرجل من طئ من بني نبهان أمروني بهذا الموضع وقالوا: إن رأيت خيل محمد فطر إلينا فأخبرنا، وأنا لا أدرك أسرا، فلما رأيتكم أردت الذهاب إليهم، ثم قلت: لا اعجل حتى آتي أصحابي بخبر بين من عددكم وعدد خيلكم ورقابكم ولا أخشى ما أصابني، فلكأني كنت مقيدا حتى أخذتني طلائعكم.
قال علي عليه السلام: أصدقنا ما وراءك. قال: أوائل الحي على مسيرة ليلة طرادة تصبحهم الخيل ومغارها حين غدوا.
قال علي عليه السلام لأصحابه: ما ترون؟ قال جبار بن صخر: نرى أن ننطلق على متون الخيل ليلتنا حتى نصبح القوم وهم غارون فنغير عليهم ونخرج بالعبد الأسود ليلا ونخلف حريثا مع العسكر حتى يلحقوا إن شاء الله. قال علي: هذا