الحل الوحيد للمشكلة تطوير المفهوم المادي للإنسان عن الحياة. فلم يبتدر إلى مبدأ الملكية الخاصة ليبطله، وانما غزا المفهوم المادي عن الحياة ووضع للحياة مفهوما جديدا، وأقام على أساس ذلك المفهوم نظاما لم يجعل فيه الفرد آلة ميكانيكية في الجهاز الاجتماعي، ولا المجتمع هيئة قائمة لحساب الفرد، بل وضع لكل منهما حقوقه، وكفل للفرد كرامته المعنوية والمادية معا.
فالإسلام وضع يده على نقطة الداء الحقيقية في النظام الاجتماعي للديمقراطية، وما إليه من أنظمة.. فمحاها محوا ينسجم مع الطبيعة الإنسانية. فان نقطة الارتكاز الأساسية لما ضجت به الحياة البشرية من أنواع الشقاء وألوان المآسي هي النظرة المادية إلى الحياة التي نختصرها بعبارة مقتضبة في: افتراض حياة الإنسان في هذه الدنيا هي كل ما في الحساب من شئ، وإقامة المصلحة الشخصية مقياسا لكل فعالية ونشاط.
إن الديمقراطية الرأسمالية نظام محكوم عليه بالانهيار والفشل المحقق في نظر الإسلام، ولكن لا باعتبار ما يزعمه الاقتصاد الشيوعي من تناقضات رأس المال بطبيعته، وعوامل الفناء التي تحملها الملكية الخاصة في ذاتها، لان الإسلام يختلف في طريقته المنطقية، واقتصاده السياسي، وفلسفته الاجتماعية عن مفاهيم هذا الزعم وطريقته الجدلية _ كما أوضحنا ذلك في كتابي: فلسفتنا واقتصادنا _ ويضمن وضع الملكية الفردية في تصميم اجتماعي، خال من تلك التناقضات المزعومة.
بل مراد الفشل والوضع الفاجع، الذي منيت به الديمقراطية الرأسمالية في عقيدة الإسلام إلى مفاهيمها المادية الخالصة، التي لا يمكن أن يسعد البشر بنظام يستوحي جوهره منها، ويستمد خطوطه العامة من روحها وتوجيهها.
فلابد إذن من معين آخر _ غير المفاهيم المادية عن الكون _ يستقي منه