لم تكن إلا نتيجة للدافع الذاتي، لغريزة حب الذات، فهذا الدافع أعمق منها في كيان الإنسان، فلا يمكن أن يزول وتقتلع جذوره بإزالة تلك الآثار، فان عملية كهذه لا تعدو أن تكون استبدالا لآثار بأخرى قد تختلف في الشكل والصورة، لكنها معها في الجوهر والحقيقة.
أضف إلى ذلك: أنا لو فسرنا الدافع الذاتي: (غريزة حب الذات) تفسيرا موضوعيا، بوصفه انعكاسا لظواهر الفردية في النظام الاجتماعي، كظاهرة الملكية الخاصة _ كما صنعت الماركسية. فلا يعني هذا أن الدافع الذاتي سوف يفقد رصيده الموضوعي وسببه من النظام الاجتماعي، بإزالة الملكية الخاصة لأنها وان كانت ظاهرة ذات طابع فردي، ولكنها ليست هي الوحيدة من نوعها _ فهناك _ مثلا _ ظاهرة الإدارة الخاصة التي يحتفظ بها حتى النظام الاشتراكي. فان النظام الاشتراكي وان كان يلغي الملكية الخاصة لوسائل الانتاج، غير أنه لا يلغي إدارتها الخاصة من قبل هيئات الجهاز الحاكم، الذي يمارس دكتاتورية البروليتاريا ويحتكر الاشراف على جميع وسائل الإنتاج وإدارتها. إذ ليس من المعقول أن تدار وسائل الإنتاج في لحظة تأميمها إدارة جماعية إشتراكية، من قبل أفراد المجتمع كافة. فالنظام الاشتراكي يحتفظ إذن بظواهر فردية بارزة ومن الطبيعي لهذه الظواهر الفردية أن تحافظ على الدافع الذاتي وتعكسه في المحتوى الداخلي للإنسان باستمرار، كما كانت تصنع ظاهرة الملكية الخاصة.
وهكذا نعرف قيمة السبيل الأول لحل المشكلة: السبيل الشيوعي الذي يعتبر الغاء تشريع الملكية الخاصة ومحورها من سجل القانون كفيلا وحده بحل المشكلة وتطوير الإنسان.
واما السبيل الثاني _ الذي مر بنا _ فهو الذي سلكه الإسلام، ايمانا منه بأن