الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٣١
الرئاسة والسلطان أحيانا اخر، وكان وعدهم ووعيدهم سيان عند النبي (ص)، وكان مما يزيد في عزمه وارادته.
وقد اقترحوا عليه مرة المال الكثير والرئاسة، فأجابهم النبي قائلا: والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه، ما تركته.
خرج النبي من شعب أبي طالب حوالي السنة العاشرة من بعثته ولم يمض زمن حتى توفي عمه أبو طالب، وتوفيت زوجته الوفية أيضا.
فلم يكن للنبي (ص) ملجأ، مما دعا كفار مكة إلى أن يخططوا في قتله، فحاصروا داره من كل جانب، كي يحملوا عليه في آخر الليل، ويقطعوه إربا إربا في مضجعه.
ولكن الله جل شأنه اطلعه بالأمر، وأمره بالهجرة إلى يثرب 1 فاستخلف عليا (ع) في فراشه، خرج ليلا برعاية الله وعنايته من داره واجتاز الأعداء، واختفى في غار تبعد عدة فراسخ من مكة المكرمة، وخرج من الغار بعد ثلاثة أيام، بعد أن يئس الأعداء من الوصول إليه، وبعد ان بحثوا ونقبوا تلك المنطقة وحواليها، فعادوا إلى مكة، عندئذ أخذ النبي (ص) يتابع طريقه إلى (يثرب).
أما أهل يثرب فقد آمنوا به كبارهم وأسيادهم، وبايعوه، فاستقبلوه بحفاوة بالغة، وقدموا له أموالهم وأنفسهم.
فأسس الرسول (ص) ولأول مرة، أول مجتمع إسلامي صغير، في مدينة (يثرب) وعقد مع الطوائف اليهودية التي كانت تستقر في المدينة وأطرافها معاهدات، وكذا مع القبائل العربية القوية لتلك المنطقة، وقام بنشر دعوته الاسلامية، وعرفت مدينة يثرب ب مدينة الرسول.

(1) منطقة تقرب من المدينة.
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»