الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٣٤
والقرآن الكريم في آيات عدة، يصرح تصريحا، بأنه معجزة وقد تحدى العرب في ذلك اليوم، إذ كانت في القمة من الفصاحة والبلاغة، هذا ما يشهد به التأريخ، وكان في المقدمة من حيث البيان والتعبير، بقوله تعالى في كتابه العزيز:
(فليأتوا بحديث مثله ان كانوا صادقين) 1.
أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله 2.
أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله 3.
فتحداهم القرآن بهذه الآيات، قائلا إذا كنتم تظنون أنه من كلام البشر، أو من عند محمد (ص)، أو أنه قد أخذها من أحد، فأتوا بمثله. أو بعشر سور منه أو بسورة واحدة من سوره، واستعينوا بأية وسيلة شئتم في تحقيق هذا الأمر، وما كان جواب الفصحاء والبلغاء من العرب ان قالوا انه لسحر ويعجز من مثلنا أن يأتي به 4.
ان القرآن الكريم لم يتحد العلماء من جهة الفصاحة والبلاغة فحسب، بل تحداهم من جهة المعنى أيضا، وتحدي الجن والإنس بما يمتلكون من قدرات فكرية خلاقة، لأنه يشتمل على البرنامج الكامل للحياة الانسانية، ولو محص تمحيصا دقيقا، لوجد انه الأساس والأصل في مجالات الحياة الانسانية كلها، بما فيها الاعتقادات والأخلاق والأعمال التي ترتبط بالانسان فإنه يعالج كل جانب من جوانبها بدقة تامة، فهو من الله الحق، ودينه دين الحق أيضا.

(١) سورة الطور الآية ٣٤.
(٢) سورة هود الآية ١٥.
(٣) سورة يونس الآية ٣٨.
(٤) ومما نقل عن أشهر مشاهير العرب في القرآن في قوله تعالى (فقال إن هذا الا سحر يؤثر ان هذا الا قول البشر). سورة المدثر الآية 24 - 25.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»