الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٣٢
وعلى مر الأيام، قويت شوكة الاسلام، واستطاع المسلمون الذين كانوا يعيشون في اضطهاد القرشيين ان يتركوا دورهم وسكناهم في مكة، مهاجرين إلى المدينة شيئا فشيئا، والتفوا حول النبي الأكرم (ص)، وسموا ب المهاجرين كما اشتهر أصحابه وأعوانه من يثرب ب الأنصار.
نال الاسلام تقدما سريعا، لكن عبدة الأصنام من قريش، والطوائف اليهودية المستقرة في الحجاز، لا يزالون حجر عثرة امام هذه الحركة، فحاولوا القيام بأعمال تخريبية لصد النبي والمسلمين، وذلك بمساعدة المنافقين، الذين كانوا في صفوف المسلمين، ولم يعرفوا بأي شكل من الأشكال، فكانوا يخلقون المشاكل، ويسببون المصائب، والحوادث المستحدثة، حتى آل الأمر إلى الحرب، فنشبت الحروب المتعددة بين الاسلام وعبدة الأصنام واليهود، فكانت الغلبة غالبا لجيش الاسلام، يقرب احصاء تلك الحروب من ثمانين ونيف معركة بما فيها المعارك الدامية الكبرى، والصغيرة منها، وفي كل هذه المعارك، كان النبي (ص) يشارك المسلمين في قتالهم، كمعركة بدر وأحد والخندق وخيبر وغيرها، وكانت الغلبة في معظمها تتم على يد علي (ع). والإمام علي (ع) هو الوحيد الذي ما تراجع ولا فشل في إحداها، وطوال هذه المعارك التي دامت عشر سنوات بعد الهجرة النبوية، قتل من المسلمين أقل من مائتين، ومن الكفار ما يقرب الألف. ونتيجة المثابرة والتضحية والفداء الذي عرف به المهاجرون والأنصار خلال السنوات العشر بعد الهجرة، عم الاسلام (شبه الجزيرة العربية) وحررت الرسائل إلى ملوك الدول الأخرى مثل إيران و (الروم) و (مصر) و (الحبشة) تدعوهم إلى الاسلام.
كان النبي (ص) يواسي الفقراء في معيشتهم، فلا تختلف حياته عن حياتهم، وكان يفتخر بالفقر 1، وكان يستغل أوقاته، لا تمر لحظة الا وهو دائب

(1) وفي رواية مشهورة يقول (ص) الفقر فخري، ولمزيد الاطلاع في هذا الفصل يراجع كتاب سيرة ابن هشام والسيرة الحلبية وكتاب البحار ج 6 وغيرها.
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»