قوانين خاصة، ودعوا الناس إليها، ولما كان الناس في ذلك الوقت لم يخضعوا امام المنطق والعقل، فما كان منهم الا ان ينسبوا أفكارهم وأنظمتهم إلى العالم العلوي كي يستطيعوا بذلك ان يجلبوا رضى الناس، ويخضعوهم لقيادتهم وكان اعتقاد البعض ان روحهم هي روح القدس وما الفكر الذي يتجلى الا الوحي والنبوة وما الوظائف والواجبات التي تستنتج من ذلك الا (الشريعة السماوية)، والكلام الذي يتضمن ذلك كان يسمى الكتاب السماوي.
فالذي ينظر بتأمل وانصاف إلى الكتب السماوية، وخاصة القرآن الكريم، وكذا إلى الشرائع التي جاء بها الأنبياء، لا يشك في بطلان هذه النظرية، وذلك أن الأنبياء لم يكونوا رجال سياسة، بل كانوا رجالا يتصفون بالصدق والصفاء والخلوص، وكلما كانوا يدركونه يتفوهون به، وكلما كانوا يقولون به كانوا يعملون به، وكلما كانوا يزعمونه هو ان هناك شعورا مرموزا، وامدادا غيبيا، يفيض عليهم، وانهم عن هذا الطريق يتلقون الوظائف الاعتقادية والعلمية من جانب الله تعالى، لابلاغ الناس وارشادهم.
ومن هنا يتضح ان ادعاء النبوة يحتاج إلى حجة ودليل، ولا يكفي ان تكون الشريعة التي جاء بها النبي توافق العقل، فان صحة الشريعة لها طريق آخر للاثبات، وهو انه على اتصال بالعالم العلوي (الوحي) والنبوة، وقد أنيطت به هذه المسؤولية من قبل الله تعالى، وهذا الادعاء يفتقد إلى دليل عند اقامته.
وعلى هذا، نجد ان السذج من الناس (كما يخبر به القرآن الكريم) كانوا يطالبون الأنبياء بالمعجزة صدق دعواهم.
ويستنتج من هذا المنطق الساذج والصحيح هو ان (الوحي) والنبوة، الذي يدعيه المرسل، لم يكن ليحصل في سائر الناس، والذين هم مثله، ولابد من قوة غيبية قد أودعها الله تعالى نبيه بنحو يخرق العادة به، والتي بواسطتها