بمدنية أو حضارة، كانوا يعيشون في ارض صحراء قاحلة، وجو مهلك، مع اتعس الظروف الحياتية، علما بأنها كانت تستعمر من قبل الدول المجاورة بين آونة وأخرى، ومع كل هذه الظروف والأحوال نجد القرآن الكريم يتحدى من طريق آخر، وهو أنه انزل بصورة تدريجية مع ظروف متفاوتة مختلفة، في أيام الفتن والأيام الاعتيادية، في الحرب والصلح، وفي أيام القدرة وأيام الضعف وغيرها، خلال ثلاث وعشرين سنة.
ولو لم يكن من كلام الله تعالى، وكان من صنع البشر، لوجد فيه تناقضا وتضادا كثيرا، فلا بد أن يأتي آخره أجود وأحسن من أوله، وأكثر تطورا، وهذا مما يؤيده التكامل التدريجي للبشر، في حين نرى ان الآيات المكية والمدنية على نمط واحد، لم يختلف آخرها عن أولها، كتاب متشابه الأجزاء، يحير العقول في قدرة بيانه ووحدة تنسيقه. 1