هيهات ان الحالية والمحلية يقتضيان الاثنينية في الوجود بين الحال والمحل، وها هنا عند طلوع شمس التحقيق ظهر ان لا ثاني للوجود الواحد الاحد الحق، واضمحلت الكثرة الوهمية ".
وقال في مقام آخر من كتاب " الاسفار ": " ان الصديقين من الصوفية يفنون عن رؤية أنفسهم، ولا يرون الا الله..
انهم يصلون إلى مقام الوحدة من غير شبهة الاتحاد " اي انهم موحدون، وليسوا من القائلين بوحدة الوجود.
وما ذهب اليه صاحب الاسفار من نفي الحلول والاتحاد عن عن كثير من الصوفية يتفق مع أصول الدين ومبدأ الشريعة القائل: " الحدود تدرأ بالشبهات " فمهما أمكن تأويل كلامهم وحمله على ما لا يتنافى مع الدين فهو المتبع.
وذلك مثل قول الشبلي: " ما رأيت شيئا الا الله " حين سمع من قال: " ما رأيت شيئا الا رأيت الله معه "، وقول الجنيد: " والآن ليس مع الله شئ " حين سمع الحديث الشريف:
" كان الله، ولم يكن معه شئ ".
وقال صوفي: " حججت للمرة الأولى فرأيت الكعبة، ولم ار رب الكعبة، ولما حججت الثانية رأيت الكعبة ورب الكعبة، ولما حججت الثالثة رأيت رب الكعبة، ولم ار الكعبة ".
والأولى حجة الغافل الذاهل، والثانية حجة المتأمل المفكر، والثالثة حجة الفاني في الوجود.