يقم بتلك الدعوى قائم، وينجم لها ناجم، حتى يذهب ودعواه كأمس الدابر، متعسرا بأذيال الخيبة والخسران، مخلفا وراءه سبة التاريخ والأجيال، ولم يكن نصيب من ادعى مثل تلك الدعوى في العصر الأخير إلا كنصيب من تقدمه من الإخفاق، ولم تكن معجزاتهم التي زعموها مؤيدة لدعاواهم، ومنها كتبهم المدعى الإيحاء بها إليهم معارضا بها القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه، وهم من الأعاجم إلا مجموعة ترهات وسخافات وعجمة وطمطمانية، لا يرضى صغار المتعلمين نسبة مثلها إليه.
ولو كانت البلاغة سلما يرتقى بها إلى دعوى النبوات من فرسانها وسباق حلبة ميدانها أو من مريديهم، لكان أجدر من الباب والبهاء والقادياني بمثل هذه الدعوى الخاسرة أشباه ابن المقفع وعبد الحميد والجاحظ وابن العميد والصاحب والصابي والخوارزمي والبديع والضبي، دع ما ظهر فبهر من بلاغات أئمة أهل البيت مع غلو من غالى في حبهم، إلى أن ارتقى بهم عن مرتقى النبوة إلى مقام الألوهية، ولكنه لم يزعم زاعم من هؤلاء الغلاة أن بلاغاتهم من معجزاتهم والأئمة كانوا يلحقون الغالي في حبهم بالقالي في بغضهم، وكلاهما منه بريئون.
وأما الدفاع عن الإسلام والمحاماة عن عقائده والرد على شبهات خصومه من ملاحدة وكتابيين ومتفلسفين، فقد بلغ فيه أئمة المسلمين وعلماؤهم العاملون أقصى حد، ولو حاولنا تعداد مجالس مناظراتهم والكتب المصنفة لهم قديما وحديثا في هذا المعنى، لأخرجنا سفرا ضخما، ولأوضحنا لاتباع القادياني أن حماة الإسلام لم يفرطوا في شئ مما يفحم خصومه ويرد كيد أعدائه إلى نحورهم، وما على المنكر إلا أن يرجع إلى تلك الكتب المصنفة والمطبوع جلها.
وأما في هذا العصر الذي يزعم اتباع المسيح الهندي تقاعد قادة الدين عن نصرته وقيامه وحده فيه، وفي دحض شبهات المبشرين والملحدين، ومحاربة البدع والمناكير، فحسبنا في دفعه أن نلم إلمامة وجيزة بذكر فريق من العلماء الأعلام والأساطين العظام، ممن قاموا بقسط عظيم في صد تيار ناصبي العداء