لإجابة طلب الكاتبين إلينا بتحصيل كتبهم الأخرى المطبوعة وهي لا تخرج في بناها ومعناها عما حواه هذا الكتاب، كما أننا لا نرى لزاما طلب بعض دعاتهم إلى المناظرة ولا إلى المباهلة التي يدعون إليها كل من ينكر بدعتهم، والمباهلة لم يدع إليها سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم) مع كثرة من أنكروا نبوته من مشركي العرب واليهود والنصارى إلا مرة واحدة وهم نصارى نجران، على أن التفاوت بين دعوته (صلى الله عليه وآله وسلم) نصارى نجران للمباهلة ودعوتهم هذه عظيم جدا، فهم يزعمون أنهم مسلمون وأنهم لم يشذوا عن الإسلام ولم يغيروا شيئا من رسومه، ومن يدعونهم إلى المباهلة هم مسلمون مثلهم، إن لم يكونوا كما هو الواقع أكثر اعتصاما منهم بعروته، وأبعد عن بدعة دعوى إرسال رسول جديد بعد نبيهم الذي قام إجماع المسلمين على انتهاء النبوات بنبوته الخالدة، فإذا أي غرض بعد هذا إلى المباهلة؟
إن هذا ضرب من ضروب تهويلات القاديانية لا يقيم له عاقل وزنا، ولا يعبأ به مسلم يستمد إسلامه من الكتاب الحكيم ومن السنة النبوية وأدلة العقل وإجماع الأمة ويعلم أن دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مستكمل جامع لكل حاجات البشر في مبدئهم ومعادهم، وله قوام وعليه حفظة قائمون على صيانة شرائعه، ولم يترك شيئا مما يتصل بحياتهم الروحية والجسدية والاجتماعية إلى نبي جديد، ولا نص عليه بالعين أو الوصف بل استفاض الخبر، وأيده العقل من عدم خلو الأرض من قائم على إقامة تلك الشرائع مصونة من التحريف والبديل، ومن التبشير بظهور المهدي والمسيح (عليهما السلام) في آخر الزمان، كما نبسط ذلك في موضعه من هذا الرد.
الكتاب رد على علماء حمص وطرابلس، قدم مؤلفه مقدمة طويلة لا تتصل اتصالا وثيقا بما يرمي إليه من نبوة صاحبه، ولا تثبت دعوة بين فيها ما مني به المسلمون من الابتعاد عن الدين، وما ابتلوا به من جماعات المبشرين الطاغين في الإسلام، وأن الإسلام أصبح غريبا. ونخلص من هذه المقدمة إلى نتيجة وهي ضرورة بعث مجدد له، وأن ذلك المجدد هو بزعمه المسيح الهندي غلام أحمد القادياني، ثم استرسل إلى انتقاص قادة الدين والحط من أقدارهم،