تحديه أن قال: إن العمدة هي قصر المدة، فإني ألفته في سبعين، ولا يقدر على مثل ذلك أحد من العالمين، نقول: أولا: إننا لا نصدقك في هذا التجديد على أنه طويل، فهل لك من بينة ودليل؟ وثانيا: إن كثيرا من العلماء ألفوا كتبا طويلة في مدة قليلة، ولم يدعوا أن ذلك من المعجزات، لأنه ليس من خوارق العادات. فالفيناري ألف شرحه على الأساغوجي في يوم من أقصر الأيام، ولم يتحد به أحدا من الأنام. وثالثا إننا نطلب منه محكمين من أهل الانصاف يرضى بهم كل منا ومنه للحكم في مواضع الخلاف، وعند ذلك نظهر له أغاليط كتابه في اللفظ والفحوى، والعاقبة كما قال الله تعالى للتقوى. ليعلم الناس أن تحدي النبوة والرسالة لا يكون بالخطأ والجهالة، وأن ادعاء إقامة الدين وتأييد الشريعة لا يكون بتقويض أركانهما الرفيعة وتشويه محاسنهما السنية الشيعية، وأن إصلاح نفوس المسلمين لا يكون بشتم العلماء والمرشدين، وسنعجل قبل تعيين المحكمين بإظهار بعض ما خالف فيه شريعة خاتم النبيين، وموعدنا الجزء الآتي.
أما الآن فإننا نذكر بعض عباراته في الرد علينا وما وجه من الطعن إلينا، ليعلم القراء مبلغ آدابه وعسلطته في خطابه، قال بعد ما زعم أنه أثرنا بكتابه (إعجاز المسيح) على علماء الحرمين والشام والروم ما نصه:
ثم لما بلغ كتابي صاحب المنار، وبلغه معه بعض المكاتيب للاستفسار، ما اجتنى ثمرة من ثمار ذلك الكلام، وما انتفع بمعرفة من معارفه العظام، ومال إلى التكلم والإيذاء بالأقلام، كما هو عادة الحاسدين والمستكبرين من الأنام، وطفق يؤذي ويزري غير أن في الإزراء والالتطام، ولا لا وإلى الكرم والاكرام، كما هو سيرة الكرام، وعمد أن يؤلمني في أعين الأعوام كالانعام، فسقط من المنار الرفيع وألقى وجوده في الآلام، ووطئني كالحصى، واستوقد نار الفتن وحضى، وقال ما قال وما أمعن كأولي النهي، وأخلد إلى الأرض وما استشرف كأولي التقى، وخر بعد ما علا، وأن الخرور شئ عظيم، فما بال الذي من المنار هوى، واشتري الضلالة وما اهتدى، أم له في البراعة يد طولى، سيهزم فلا يرى، نبأ من الله يعلم السر وأخفى. ثم قال: