القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ٢٣٤
وإن صحت سندا، لأن القرآن متواتر قطعي وهو كلام الله تعالى، فكل قول خالفه فهو باطل إذا كان لا يتفق معه بالتأويل.
يدعي هذا الدجال أنه جاء بخوارق العادات لأنه ألف كتابا عظيما في عينه وحقيرا في أعين الناس لما فيه من الهذيان والوسواس، فإذا كان التأليف السخيف دليل المهدية والمسيحية، فهل يكون التأليف الذي يستحسنه جميع العقلاء دليلا على الألوهية؟ أيظن هذا الغافل أن القرآن كان معجزة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنه كتاب مؤلف؟ كلا إنه معجزة لأنه اشتمل على أعلى العلوم الإلهية والاجتماعية التي اهتدى بها الناس وصلحت عقائدهم وأخلاقهم، وقد ظهر مع ذلك بلسان أمي لم يتعلم شيئا، فهذا هو الوجه الأعلى في إعجازه. ومن وجوهها أنه وصل من البلاغة إلى حد عجزت عن بلوغه البلغاء مع أن الجائي به لم يكن معروفا بالبلاغة، ومن بلغ الأربعين ولم يعرف له امتياز بالشئ فلا يعقل أن ينتقل مرة واحدة إلى درجة يفوق بها جميع الناس بذلك الشئ إلا بإمداد من بيده خرق العادات، والمؤيد من شاء بالآيات البينات. وأما زعمه أن الفادحة تدل على مسيحيته، وأن لفظ الرحمن الرحيم يدل على محمد خاتم الأنبياء وعلى مسيحه أحمد القادياني، فهذا أقبح تلاعب بالقرآن، ويمكن أن يستدل صاحبه بكل كلام على كل شئ، لأنه لا يتقيد بلغة ولا عقل ولا فهم، فعسى أن يرجع هذا القادياني إلى رشده، ونرى الجزر قلل من طغيانه ومده.
هذا ما حملنا أنفسنا مشقة نقله من بعض مجلدات المنار الاسلامي دحضا لدعاوى القادياني الطويلة العريضة، وما كان صاحب المنار الضليع بالمباحث الإسلامية والمشهود له بالتخصص فيها من المخالف والموالف والقريب والغريب ممن لا يلقون الكلام على عواهنه، وهو قد عاصره ووقف على كل ما جعله دليلا على مسيحيته المزعومة ولم يفرط بشئ منها، بل تتبعها تتبع الباحث المنصف ولم يطو عن قرائه حتى ما رماه به من المطاعن، ولعل فيها مقنعا للمخدوعين بزخارف أتباعه ممن أضلتهم أو كادوا ينحرفون عن جادة الحق ويزيغون عن محجة الصواب.
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست