قيل: قد ورد في الحديث نزول عيسى بعده، قلنا: نعم لكنه يتابع محمدا (عليه السلام) لأن شريعته قد نسخت، فلا يكون إليه وحي ونصب أحكام بل يكون خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم الأصح أنه يصلي بالناس ويؤمهم ويقتدي به المهدي لأنه أفضل فإمامته أولى.
4 - قال المحقق الدواني في شرح العضدية: وأما كونه (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم النبيين ولا نبي بعده، فلقوله تعالى: (ولكن رسول الله وخاتم النبيين). ولقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (رض): " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " وقال أهل البصائر: لما كان فائدة الشرع دعوة الخلق إلى الحق وإرشادهم إلى مصالح المعاش والمعاد، وإعلامهم الأمور التي تعجز عنها عقولهم، وتقرير الحجج القاطعة، وإزالة الشبه الباطلة، وقد تكفلت هذه الشريعة الغراء جميع هذه الأمور على الوجه الأتم الأكمل بحيث لا يتصور عليه مزيد كما يفصح عنه قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) فلم يبق بعده حاجة للخلق إلى بعث نبي بعده، فلذلك ختم به النبوة.
وأما نزول المسيح (عليه السلام) ومتابعته لشريعته، فهو مما يؤكد كونه خاتم الأنبياء.
5 - قال الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبدة المصري في رسالة التوحيد:
لم يدع الإسلام بعد ما قررنا أصلا من أصول الفضائل إلا أتى عليه، ولا أما من أمهات الأعمال الصالحات إلا أحياها، ولا قاعدة من قواعد النظام إلا قررها، فاستجمع للانسان عند بلوغ رشده كما ذكرنا حرية الفكر واستقلال العقل، وما به صلاح السجايا واستقامة الطبع، وما فيه إنهاض العزائم إلى العمل وسوقها في سبل السعي، ومن يتلو القرآن حق تلاوته يجد فيه من ذلك كنزا لا ينفذ وذخيرة، لا تفنى، هو بعد الرشد وصاية، وبعد اكتمال العقل ولاية! كلا (قد تبين الرشد من الغي)، ولم يبق إلا اتباع الهدى، والانتفاع بما ساقته أيدي الرحمة لبلوغ الغاية من السعادتين، لهذا ختمت النبوات بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وانتهت الرسالات برسالة، كما صرح بذلك الكتاب وأيدته السنة الصحيحة، وبرهنت عليه خيبة مدعيها من بعده، واطمئنان العالم بما وصل إليه من العلم إلى أن لا سبيل بعد لقبول دعوة يزعم القائم بها أنه يحدث عن الله بشرع، أو