القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١٨٧
محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) نبي عاش، الخ، يحتمل أنه بيان لسبب موته، ومداره على أن إبراهيم قد علق نبوته بعيشه، وهذا مبني على أنه علم ذلك من جهته (صلى الله عليه وآله وسلم) كما جاء عنه ذلك ببعض الطرق الضعيفة، وكذا جاء مثله عن الصحابة، ومعنى الحديث على هذا أنه لو قضي بالنبوة لأحد بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) لأمكن حياة إبراهيم، لكن لما لم يقض لأحد تلك وقد قدر لإبراهيم أن يكون نبيا على تقدير حياته لزم أن لا يعيش، ويحتمل أنه بيان لفضل إبراهيم، وحاصله لو قدر نبي بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) لكان إبراهيم أحق بذلك، فتعين أن يعيش حينئذ إلى أن يبعث نبيا، لكن ما قدر نبي بعده، فلذلك ما لزم أن يعيش، وعلى المعنيين فليس مبني الحديث على أن ولد النبي يلزم أن يكون نبيا حتى يقال إنه غير لازم.
3 - إن الحضي يعترف في بدء كلامه في تفسير آية خاتم النبيين بعموم النبيين الذين افتتحت نبواتهم بنبوته، ويجعل الحديث المستفاد منه إمكان مجئ نبي بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) مخصصا لذلك العموم، وقد عرفت أن الحديث قضية شرطية وهي لا تستلزم الوقوع وإذا لم تستلزم الوقوع، فلا تصلح إذن للتخصيص المزعوم.
4 - إن هذا الحديث على فرض صحته هو كالحديثين السابقين (لو كان بعدي نبي لكان عمر) (1) وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، وهما اللذان استدل بهما على جواز وجود نبي بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد بينا هناك فساد استدلاله بما لا مزيد عليه، فلا نرى بعد ذلك مجالا للإسهاب في هذا الباب.
5 - إن دلالة الحديث على استحالة النبوة بعده بتعليق نبوة ولده الطفل على عيشه أولى من دلالة على فرض إمكانها وبقائها فضلا عن وقوعها، وأما قياسه على الحديث لو عاش زيد لكان نابغة لأنه يفيد التسليم بوجود النوابغ فإنه قياس مع الفارق، فإن النبوغ ممكن وواقع والنبوة غير ممكنة ولا واقعة، وإلا لظهر نبي صحيح النبوة قبل القادياني.

(1) سنن الترمذي، طبعة مصطفى الحلبي، ح رقم 3686.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 183 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست