القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١٨٠
على رأس كل مائة سنة، ولكن كلا من الفريقين السنة والإمامية لم يفر واحد منهما الرسالة والنبوة إلى مجدديهم وهل كانوا أخف في ميزانها من غلام أحمد القادياني؟
ومن الطريف استدلاله على جواز وجود نبي غير مستقل بالنبوة بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) بالآية 30 الأحقاف (قالوا يا قومنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى) وجه الاستدلال أن الجن المستمعين للقرآن لم يذكروا الأنبياء الذين بعثوا بين موسى وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والصحف التي أوتوها لأنهم كانوا تابعين لشريعة موسى (عليه السلام) وزمن شريعته كان ممتدا إلى بعثة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وفيه:
1 - لم نجد في هذه الآية بعد إنعام النظر وإمعان الفكر ما يدل على زعم المستدل وآية ملازمة بين عدم ذكر الجن المستمعين للقرآن للأنبياء الذين بعثوا بين موسى ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والصحف التي أوتوها بين دعواه جواز وجود نبي بعده (صلى الله عليه وآله وسلم).
2 - كأنه يرى أمرا لزاما وفرضا واجبا على الجن أن يحيطوا علما بكل رسول أرسل بعد موسى وكل كتاب أنزل بعده، وأن يبينوا التفصيل ذلك لقومهم، أو يرى أن موقفهم موقف القاص المؤرخ، وأن مثل ذلك لم يكن مفروضا على الإنس من أمة محمد المؤمنين بدين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وكتاب محمد، بل فرض عليهم الإيمان الإجمالي بما أرسل الله تعالى من رسل وأنزل من كتب.
3 - إن موقف الجن من قومهم بعد استماعهم للقرآن كان موقف إنذار وتذكير، وأما تخصيصهم لموسى وكتابه بالذكر فهو جار مجرى هذه الآيات.
(قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه) [القصص / 49]. (ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة) [هود / 17]. (قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى - إلى قوله - وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه) [الأنعام / 92]. والآية التي نحن بصددها: (إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم) [الأحقاف / 30].
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 183 185 186 187 ... » »»
الفهرست