قولنا: جاء زيد بعد عمرو أن (بعد) بمعنى (مع) ويكون المعنى مجئ زيد مع عمرو، وهذا خلف من القول.
ثم أن استعمال (بعد) بمعنى (مع) في مواضع محصورة مثل استعمال (مع) بمعنى (بعد) في بعض الموارد المحدودة، وإن لم يكن ذلك من المتفق عليه، ومستند الجواز.
1 - قراءة من قرأ (الآية 24 من سورة الأنبياء) (هذا ذكر من معي).
(2) حكاية سيبويه. ذهبت من معه. أي ذكر من بعدي، وذهبت من عنده.
قال ابن هشام في المغني في مبحث (مع): " والثالث (من معانيها) مرادفة عند وعليه القراءة وحكاية سيبويه السابقتان " (1).
أما الآية فقد جاء في الكشاف في تفسيرها: " وقرئ (من معي) و (من قبلي) على من الإضافية في هذه القراءة وإدخال الجار على (مع) غريب، والعذر فيه أه اسم هو ظرف نحو قبل وبعد وعند ولدن وما أشبه ذلك، فدخل عليه (من) كما يدخل على أخواته، وقرئ ذكر معي وذكر قبلي، كأنه قيل بل عندهم ما هو أصل الشر والفساد كله، وهو الجهل وفقد العلم وعدم التمييز بين الحق والباطل " (2).
وفي مجمع البيان: " (هذا ذكر من معي وذكر من قبلي) أي وقل لهم يا محمد هذا القرآن ذكر من معي بما يلزمهم من الأحكام، وذكر من قبلي من الأمم ممن نجا بالإيمان أو هلك بالكفر عن قتادة، وقيل: هذا ذكر من معي بالحق في إخلاص الإلهية والتوحيد في القرآن، وعلى هذا ذكر من قبلي في التوراة والإنجيل عن الجبائي. قال: لأن القرآن ذكر أتاه الله ومن معه، والتوراة والإنجيل ذكر تلك الأمم، وقال أبو عبد الله (عليه السلام) يعني بذكر من معي من معه وما هو كائن. وبذكر من قبلي ما قد كان، وقيل: إن معناه في القرآن خبر من معي على ديني ممن يتبعني إلى يوم القيامة بما لهم من الثواب على الطاعة