القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١٨١
وفي معارج الوصول لابن تيمية: " وقال ورقة بن نوفل: إن هذا والذي جاء به موسى ليخرجان من مشكاة واحدة، وكذلك قال النجاشي: فالقرآن والتوراة هما كتابان جاءا من عند الله لم يأت من عنده كتاب أهدي منهما، كل منهما أصل مستقل، والذي فيهما دين واحد، وكل منهما يتضمن إثبات صفات الله تعالى والأمر بعبادته وحده لا شريك له، ففيه التوحيد قولا وعملا كما في سورتي " الكافرون " و " الاخلاص ". (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) ".
وأما الزبور فإن داود لم يأت بغير شريعة التوراة، وإنما في الزبور ثناء على الله ودعاء وأمر ونهي بدينه وطاعته وعبادته مطلقا، وأما المسيح فإنه قال:
(ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم) [آل عمران: 50] فأحل لهم بعض المحرمات وهو في الأكثر متبع لشريعة التوراة، ولهذا لم يكن بد لمن اتبع المسيح من أن يقرأ التوراة ويتبع ما فيها إذ كان الإنجيل تبعا لها.
وأما القرآن فإنه مستقل بنفسه لم يحوج أصحابه إلى كتاب آخر، بل اشتمل على جميع ما في الكتب، من المحاسن وعلى زيادات كثيرة لا توجد في الكتب فلهذا كان مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه، يقرر ما فيها من الحق، ويبطل ما صرف منها، وينسخ ما نسخه الله، فيقر الدين الحق وهو جمهور ما فيها، ويبطل الدين المبدل الذي لم يكن فيها والقليل الذي نسخ فيها، فإن المنسوخ قليل جدا بالنسبة إلى المحكم المقرر، والأنبياء كلهم دينهم واحد، وتصديق بعضهم مستلزم تصديق سائرهم، وطاعة بعضهم تستلزم طاعة سائرهم، وكذلك التكذيب والمعصية لا يجوز أن يكذب نبي نبيا، بل أن عرفه صدقه، وإلا فهو يصدق بكل ما أنزل الله مطلقا، وهو يأمر بطاعة من أمر الله بطاعته، إلى كلام طويل لا يخرج عن هذا المضمون، وقد وضح بيان السر في تخصيص كتابي موسى ومحمد عليهما بالذكر دون سواهما، ولكن ذلك لا ينفي أن يكون قد عمل مؤمنو الجن بشريعة عيسى مما نسخ فيها من شريعة موسى، وكيف كان فإنه لا يفهم من الآية ما يؤيد زعم القادياني.
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 183 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست