القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١٦٨
5 - وبما علقناه على احتجاجه في الحديث الأول من إثبات انقطاع النبوة بما لا مزيد عليه توهين للاحتجاج بهذا الحديث، فراجعه وهو قريب.
الحديث الثالث: ما رواه مسلم والبخاري في صحيحيهما: " يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين " (1)، واستدل بهذا الحديث على نبوة صاحبه، ووجه استدلاله أنه قال: كتب صاحب إكمال الاكمال في شرح صحيح مسلم في سنة 828 ما نصه، هذا الحديث قد ظهر صدقه، فإنه لو عد من تنبأ من زمنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لبلغ هذا العدد، وعقب هذا الكلام بقوله: وإن تعيين العدد يدل على إمكان مجئ نبي صادق، وإلا لقال (صلى الله عليه وآله وسلم) إن كل من يدعي النبوة يكون كذابا دجالا بدون أن يذكر عددا معينا.
ولنا في نقض هذا الاستدلال وجوه:
1 - إن الحديث وارد مورد الخبر عما سيحدث في أمته بعده من محدثات، فهو كإخباره عن افتراقها إلى ثلاث وسبعين فرقة، ولما كان هذا الخبر على إطلاقه يفيد أحد أمرين: إما هلاك تلك الفرق كلها وإما نجاتها كلها، وكلا الأمرين على الإطلاق غير مراد قطعا، فكان المقام مقام بيان فأبان (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الناجية فرقة واحدة والباقون في النار. ولو كان يراد من الحديث الذي نحن بصدده الخبر عن بعث دجالين كذابين قريب من الثلاثين كلهم مدع للنبوة وعن بعثة أنبياء صادقين، وأنه لم يرد منه مجرد الخبر عن ادعاء مثل ذلك العدد من الدجالين الكذابين النبوة، لكان المقام مقام أن يبين وأن يقول (صلى الله عليه وآله وسلم) ويبعث أنبياء صادقون، ولو كان إرسال النبيين بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) مما يكن وقوعه، لكان من تمام الحجة ومن باب لطفه تعالى بعباده التصريح بأسمائهم أو بأوصافهم، فحيث لم يقع ذلك والمقام يقتضي البيان، فلم يكن إرسال النبيين مما سيقع أبدا على أن البيان كان على العكس بصريح الآية (ولكن خاتم النبيين) والحديث " لا نبي بعدي " وبما سيجئ بعد.

(١) صحيح البخاري، كتاب الفتن، الحديث رقم ٧١٢١، صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، ح 2923.
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست