على أن سؤال الصحابة للنبي (ص) إنما هو عن خلفائه بالنص، لا بتأمير الناس أو بالتغلب، إذ لا يهم الصحابة السؤال عن ذلك، لأن ملك الملوك، وتغلب السلاطين، لا يبتني عادة على الدين، لأن السلاطين بلا نص لا ينحصرون بعدد فيسأل عنهم، بل جرت العادة أن مثل هؤلاء يوجدون في كل زمان، كما هو الأغلب بل لا يعقل أن النبي (ص) يترك الصحابة وأهل ملته بلا إمام منصوب منصوص منه، حتى يسألوا عن غير المنصوص أو الأعم منه فثبت أن المراد من الاثني عشر، أئمتنا الذين نحن نقول بإمامتهم، وهم الذين قد نص عليهم الرسول، فهم الأئمة بالفعل، ولهم الزعامة الكبرى على الأمة.
ولا يضر بإمامتهم فعلا عدم نفوذ كلمتهم، - كما أشرنا إليه في أوائل الكتاب - لأن معنى إمامتهم أنهم يملكون التصرف، وإن حجزهم الناس، كالأنبياء المقهورين إذ هم ولاة الأمر، وإن حسمت أيدي التصرف منهم، وكما لا يجوز أن يقال لا فائدة في نبوة النبي الممنوع عن التصرف، لا يجوز أن يقال: لا فائدة في إمامة الإمام الممنوع عنه: لأن الفائدة لا تنحصر بالتصرف، لكفاية أن يكون بهم إيضاح الحجة (*) ونشر العلم الحق، بل لو لم يتمكنوا حتى من هذا، فالفائدة في وجودهم أن تكون الحجة لله بوجودهم على الناس، وإن حبسوهم، أو غيبوهم خوفا، فإن التقصير من الناس، ولئلا يكون للناس حجة على الله تعالى بعدم نصب الهادي لهم