بعد أن كانتا في أيامه منبها بذلك على حصول النسخ لأنا نعلم أنه كان متبعا للرسول متدينا بالإسلام فلا يجوز أن نحمل قوله على خلاف ما تواتر من حاله وقد حكي عن أبي علي أن ذلك بمنزلة أن يقول أني أعاقب من صلى إلى بيت المقدس وإن كان صلى إليه في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله. قال واعتمد في تصويبه على كف الصحابة عن النكير عنه وادعى أن أمير المؤمنين عليه السلام أنكر على ابن عباس إحلالها وروى عن النبي صلى الله عليه وآله تحريمها انتهى. الرد على جواب الفخر الرازي وقاضي القضاة:
(أقول) مع الغض عن أن هذا التأويل مخالف لصريح اللفظ لما عرفت أن دعواه لزوم التكفير بذلك ممنوعة فإن من منع الناس من بعض المباحات وحرمها عليهم مع اعتقاده حليتها يكون عاصيا لا كافرا ومع اعتقاده تحريمها باجتهاد أخطأ فيه يكون مثابا. وكذا مع اعتقاده أن في تركها مصلحة أو في فعلها مفسدة وقد أشار إلى ذلك السيد المرتضى في الشافي في جوابه لكلام قاضي القضاة المتقدم فقال وليس هذا القول ردا منه على الرسول صلى الله عليه وآله لأنه لا يمتنع إن يكن استحسن حصرها في أيامه لوجه لم يكن فيما تقدم واعتقد أن الإباحة في أيام الرسول صلى الله عليه وآله كان لها شرط لم يوجد في أيامه وقد روي عنه أنه صرح بهذا المعنى فقال إنما