حصن وعلى غير ماء، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتى يأتيني بإنفاذك أمري، والسلام.
فلما قرأ الكتاب جاء به إلى الحسين ومعه الرسول، فقال: هذا كتاب الأمير يأمرني أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه، وهذا رسوله قد أمره أن لا يفارقني حتى أنفذ رأيه وأمره. وأخذهم بالنزول في ذلك المكان، فقال له: " دعنا ننزل في هذه القرية أو هذه أو هذه " يعني نينوى والغاضرية وشفية. فقال: لا والله لا أستطيع ذلك، هذا الرجل بعث إلي عينا، فنزلوا هناك (1).
قال أبو مخنف: لما اجتمعت الجيوش بكربلا لقتال الحسين جعل عمر بن سعد على ربع المدينة عبد الله بن زهير بن سليم الأزدي، وعلى ربع مذحج وأسد عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي، وعلى ربع ربيعة وكندة قيس بن الأشعث، وعلى ربع تميم وهمدان الحر بن يزيد، وعلى الميمنة عمرو بن الحجاج، وعلى الميسرة شمر بن ذي الجوشن، وعلى الخيل عزرة بن قيس، وعلى الرجالة شبث بن ربعي، وأعطى الراية مولاه دريدا (2). فشهد هؤلاء كلهم قتال الحسين إلا الحر فإنه عدل إليه وقتل معه.
قال أبو مخنف: ثم إن الحر - لما زحف عمر بن سعد بالجيوش - قال له: أصلحك الله! أمقاتل أنت هذا الرجل؟ فقال: إي والله قتالا أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي. قال: أفمالك (3) في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضا؟ فقال: أما والله لو كان الأمر إلي لفعلت، ولكن أميرك قد أبى، فأقبل الحر حتى وقف من الناس