وصاحبك عن ساعة، قال زهير: أفبالموت تخوفني!؟ والله للموت معه أحب إلي من الخلد معكم، قال: ثم أقبل على الناس رافعا صوته، وصاح بهم: عباد الله لا يغرنكم عن دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه، فوالله لا تنال شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله) قوما هرقوا دماء ذريته وأهل بيته، وقتلوا من نصرهم وذب عن حريمهم. قال: فناداه رجل من خلفه: يا زهير إن أبا عبد الله يقول لك: أقبل، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء، لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت لو نفع النصح والإبلاغ، فذهب إليهم (1).
وروى أبو مخنف عن حميد بن مسلم قال: حمل شمر حتى طعن فسطاط الحسين (عليه السلام) برمحه، وقال: علي بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله، فصاحت النساء وخرجن من الفسطاط، فصاح الحسين: يا بن ذي الجوشن، أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي، حرقك الله بالنار.
وحمل زهير بن القين في عشرة من أصحابه فشد على شمر وأصحابه، فكشفهم عن البيوت حتى ارتفعوا عنها، وقتل زهير أبا عزة الضبابي من أصحاب الشمر وذوي قرباه، وتبع أصحابه الباقين فتعطف الناس عليهم، فكثروهم وقتلوا أكثرهم وسلم زهير (2).
قال أبو مخنف: واستحر القتال بعد قتل حبيب، فقاتل زهير والحر قتالا شديدا فكان إذا شد أحدهما واستلحم شد الآخر فخلصه، فقتل الحر ثم صلى الحسين (عليه السلام) صلاة الخوف، ولما فرغ منها تقدم زهير فجعل يقاتل قتالا لم ير مثله ولم يسمع بشبهه وأخذ يحمل على القوم فيقول: