كأن على رؤسنا الطير (1).
قال أبو مخنف: فحدثتني دلهم بنت عمرو، امرأة زهير قالت: فقلت له: أيبعث إليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه! سبحان الله لو أتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت، قالت: فأتاه زهير بن القين، فما لبث أن جاء مستبشرا قد أسفر وجهه: فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه، فقوض وحمل إلى الحسين (عليه السلام)، ثم قال لي: أنت طالق، الحقي بأهلك، فإني لا أحب أن يصيبك بسببي إلا خير، ثم قال لأصحابه: من أحب منكم أن يتبعني وإلا فإنه آخر العهد، إني سأحدثكم حديثا، غزونا بلنجر، ففتح الله علينا وأصبنا غنائم، فقال لنا سلمان: أفرحتم بما فتح الله عليكم، وأصبتم من المغانم؟ فقلنا: نعم. فقال لنا: إذا أدركتم شباب آل محمد (صلى الله عليه وآله) فكونوا أشد فرحا بقتالكم معه بما أصبتم من المغانم، فأما أنا فإني أستودعكم الله، قال: ثم والله ما زال أول القوم حتى قتل معه (2).
وقال أبو مخنف: لما عارض الحر بن يزيد الحسين (عليه السلام) في الطريق وأراد أن ينزله حيث يريد فأبى الحسين عليه، ثم إنه سايره، فلما بلغ ذا حسم خطب أصحابه خطبته التي يقول فيها: " أما بعد، فإنه نزل بنا من الأمر ما قد ترون " الخ، فقام زهير وقال لأصحابه: أتتكلمون أم أتكلم؟ قالوا: بل تكلم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
قد سمعنا هداك الله يا بن رسول الله مقالتك، والله لو كانت الدنيا لنا باقية، وكنا فيها مخلدين، إلا أن فراقها في نصرك ومواساتك، لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها.
فدعا له الحسين وقال له خيرا (3).