وروى أبو مخنف: أن الحر لما ضايق الحسين (عليه السلام) بالنزول وأتاه أمر ابن زياد أن ينزل الحسين على غير ماء ولا كلأ ولا في قرية، قال له الحسين: " دعنا ننزل في هذه القرية "، يعني نينوى، أو هذه يعني الغاضرية، أو هذه يعني شفية. فقال الحر: لا والله لا أستطيع ذلك، هذا رجل قد بعث علي علينا، فقال زهير للحسين: يا بن رسول الله إن قتال هؤلاء أهون علينا من قتال من بعدهم، فلعمري ليأتينا من بعدهم ما لا قبل لنا به، فقال له الحسين (عليه السلام): " ما كنت لأبدأهم بقتال "، فقال له زهير: فسر بنا إلى هذه القرية فإنها حصينة، وهي على شاطئ الفرات، فإن منعونا قاتلناهم، فقتالهم أهون من قتال من يجيئ من بعدهم، فقال الحسين (عليه السلام): " وأية قرية هي "؟ قال: هي العقر، فقال الحسين (عليه السلام): " اللهم إني أعوذ بك من العقر " فنزل بمكانه وهو كربلا (1).
وقال أبو مخنف: لما أجمع عمر بن سعد على القتال نادى شمر بن ذي الجوشن:
يا خيل الله اركبي وأبشري بالجنة، والحسين (عليه السلام) جالس أمام بيته محتبيا بسيفه، وقد وضع رأسه على ركبته من نعاس، فدنت أخته زينب منه وقالت: يا أخي قد اقترب العدو، وذلك يوم الخميس التاسع من المحرم بعد العصر، وجاءه العباس فقال: يا أخي أتاك القوم، فنهض ثم قال: " يا عباس اركب إليهم حتى تسألهم عما جاء بهم " فركب العباس في عشرين فارسا منهم حبيب بن مظهر وزهير بن القين فسألهم العباس، فقالوا جاء أمر الأمير بالنزول على حكمه أو المنازلة، فقال لهم العباس: لا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم، فوقفوا وقالوا له: ألقه فأعلمه، ثم القنا بما يقول، فذهب العباس راجعا، ووقف أصحابه. فقال حبيب لزهير: كلم القوم إن شئت وإن شئت كلمتهم أنا، فقال زهير أنت بدأت فكلمهم، فكلمهم بما تقدم في ترجمته، فرد عليه عزرة بن قيس بقوله: إنه لتزكي نفسك ما