نجئ ولا نلي من أمرك شيئا.
فاغتمت خديجة عليها السلام لذلك، إذ دخل عليها أربع نسوة سمر (14).
طوال، كأنهن من نساء بني هاشم ففزعت منهن، لما رأتهن، فقالت إحديهن: لا تحزني يا خديجة، فإنا رسل ربك إليك ونحن أخواتك، أن سارة وهذه آسية بنت، مزاحم وهي رفيقتك في الجنة وهذه مريم بنت عمران وهذه كلثم أخت موسى بن عمران، بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء، فجلست واحدة عن يمينها وأخرى عن يسارها، والثالثة بين يديها، والرابعة من خلفها، فوضعت فاطمة طاهرة مطهرة.
فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة، ولم يبق في شرق الأرض وغربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور ودخل عشر من الحور العين كل واحدة منهن معها طست من الجنة، و إبريق من الجنة وفي الإبريق ماء من الكوثر، فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر، وأخرجت خرقتين بيضاوتين أشد بياضا من اللبن وأطيب ريحا من المسك والعنبر، فلفتها بواحدة وقنعتها بالثانية، ثم استنطقتها، فنطقت فاطمة بالشهادتين وقالت: " أشهد أن لا إله إلا الله. وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء، وأن بعلي سيد الأوصياء، وولدي سادة الأسباط ". ثم سلمت عليهن، وسمت كل واحدة منهن باسمها، وأقبلن يضحكن إليها، وتباشرت الحور العين، وبشر أهل السماء بعضهم بعضا بولادة فاطمة عليها السلام، وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك وقالت النسوة: خذيها يا خديجة طاهرة، مطهرة، زكية، ميمونة، بورك فيها، وفي نسلها. فناولتها فرحة مستبشرة وألقمتها ثديها فدر عليها، فكانت فاطمة عليها السلام تنمي كما ينمي الصبي في الشهر وتنمي في الشهر كما ينمي الصبي في السنة (14).