ردءا لهما، ثم دخل عمر فقال لعلي عليه السلام قم فبايع، فتلكأ واحتبس، فأخذه بيده فقال: قم، فأبى أن يقوم فحمله ودفعه كما دفع الزبير ثم أمسكهما خالد وساقهما عمر ومن معه سوقا عنيفا، واجتمع الناس ينظرون وامتلأت شوارع المدينة بالرجال.
ورأت فاطمة عليها السلام ما صنع عمر فصرخت وولولت واجتمعت معها نسوة كثيرة من الهاشميات وغيرهن، فخرجت إلى باب حجرتها ونادت يا أبا بكر: ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله، والله لا أكلمه حتى ألقى الله، قال فلما بايع علي عليه السلام والزبير وهدأت تلك الفورة مشى إليها أبو بكر بعد ذلك فشفع لعمر وطلب إليها فرضيت عنه.
قال ابن أبي الحديد: والصحيح عندي، إنها ماتت وهي واجدة علي أبي بكر وعمر، وإنها أوصت أن لا يصليا عليها وذلك عند أصحابنا من الصغائر (14) المغفورة لهما، وكان الأولى بهما إكرامها واحترام منزلتها لكنهما خافا الفرقة وأشفقا من الفتنة، ففعلا ما هو الأصلح بحسب ظنهما وكان (كانا - ل) من الدين وقوة اليقين بمكان مكين، ومثل هذا لو ثبت كونه خطأ لم تكن كبيرة، بل كان من باب الصغائر التي لا يقتضي التبري، ولا يوجب التولي، إنتهى كلام ابن أبي الحديد عليه ما يستحقه ويريد (15).