وهو بعيد.
فإن قيل يرد على ما اخترته أن في حال التكلم بالحرام ثواب الإيمان حاصل له فيكتب محسنا ومسيئا معا، فلا يصح الترديد.
قلت يمكن أن يكون المراد بالمحسن المحسن من غير إساءة كما هو الظاهر فيصح ثواب المقابلة مع أن بقاء ثواب استمرار الإيمان مع فعل المعصية في محل المنع.
- ويومئ إلى عدمه قولهم (عليهم السلام) لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن وأمثاله، مما قد مر بعضها ويمكن أن يكون هذا أحد محامل هذه الأخبار وأحد علل ما ورد أن نوم العالم عبادة أي هو في حال النوم في حكم العبادة لاستمرار ثواب علمه وإيمانه وعدم صدور شئ منه يبطله في تلك الحالة. انتهى كلامه رفع مقامه.
وفيه نظر وإشكال من وجوه:
الأول: إن ما جعله أظهر غير ظاهر وتقييد الثواب بكونه لإيمانه لا دليل عليه ولا شاهد يرشد إليه بل الظاهر ما فهمه الناظرون في الخبر وهم الأكثر كما اعترف به.
وقوله على الاحتمال الثاني يبطل الحصر.. الخ. خطأ لأن المتكلم بالمباح أيضا مسئ إلى نفسه، لأنه ضيع رأس ماله وفوته من غير عوض إذ يمكنه أن يصرف هذا المقدار من عمره الذي يصرفه في التكلم بالمباح في ذكر أو دعاء أو قراءة أو نحوها ويدرك به خيرا كثيرا وليس في ذلك تجوز أصلا. إذ لا يخفى أن كل شخص إما محسن إلى نفسه أو مسئ، والأول من يجلب إلى نفسه نفعا.
والثاني من يفوت النفع عن نفسه، والمسئ على ضربين أحدهما من يجر إلى نفسه عقابا وصدمة أيضا والآخر من يسئ إلى نفسه بتفويت النفع فقط وكل منهما مسئ إلى نفسه، فإن البطال المضيع للعمر المتلف له في غير منفعة دنيوية أو أخروية مسئ إلى نفسه عقلا وعرفا وهذا مما لا يرتاب فيه أحد من العقلاء.
وبما ذكرنا يتبين لك وجه التعميم والحصر في قول الله عز وجل: * (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * الخ،.. لظهوره في أن كل فرد من أفراد الإنسان لا يصرف عمره في الأعمال الصالحة، فهو من أهل الخسران وذلك بسبب أنه ضيع رأس ماله ولو كان آنا من آنات عمره فتدبر فيما قلناه ففيه فوائد كثيرة إن شاء الله تعالى ونعم ما