أقول: يحتمل قويا أن يكون المراد من قوله (عليه السلام) يناجي بنا أن يناجي المؤمن إمام زمانه ويذكر له حاله ويبث إليه حزنه وشكواه، ويكلمه ويعرض عليه حوائجه ومناه ويسأله الاهتمام بما يحتاج إليه ويتمناه، كما يناجي ربه ومولاه، فإن إمامه يسمع كلامه ويراه فإنه الذي جعله الله تعالى غوثا لمن فزع إليه وهواه، ومفزعا لمن التجأ إليه وناداه ومعينا لمن استعان به وناجاه فيكون معنى يناجي بنا: يناجينا ونظيره ما سيأتي في الأمر الآتي في الحديث: أن ينادي بهم الباري ومعناه يناديهم.
- وفي (1) دعاء يوم عاشوراء: وجعلنا وإياكم من الطالبين بثاره أي من طالبي ثاره ونظيره كثير كما لا يخفى على الخبير.
- ويشهد لما ذكرناه السيد الأجل علي بن طاوس في كشف المحجة (2) نقلا عن كتاب الرسائل لمحمد بن يعقوب الكليني - رحمه الله تعالى - عمن سماه قال: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أن الرجل يحب أن يفضي إلى إمامه ما يحب أن يفضي (3) إلى ربه قال فكتب عليه السلام إن كانت لك حاجة فحرك شفتيك، فإن الجواب يأتيك، انتهى.
وعلى ما ذكرناه فالباء في قوله (عليه السلام) يناجي بنا زائدة تقوية وتأكيدا للكلام أو للملابسة والالصاق المجازي فتدبر.
الوجه الثامن: عمل الصالحين من العلماء وغيرهم، واستقرار سيرتهم على مسألة التشرف بلقائه (عليه السلام) عن قديم الأيام بحيث كان جمع منهم يواظبون على البيتوتة، والتضرع والعبادة أربعين ليلة جمعة في مسجد الكوفة أو أربعين ليلة أربعاء في مسجد السهلة لينالوا بهذا الفوز العظيم.
وقد اتفق الفوز بلقائه لكثير من الصالحين، ووقائعهم مذكورة في الكتب كالبحار (4) والنجم الثاقب ودار السلام للشيخ محمود وغيرها.
وقد سمعت من الثقات وقائع غير مذكورة في تلك الكتب، لم تثبت في خاطري الآن كيفياتها لأثبتها في هذا المقام والحاصل أن التشرف برؤيته في زمان غيبته أمر ممكن قد وقع