مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٣٣٩
فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله ".
إلى غير ذلك من الأخبار المضبوطة في مظانها.
وههنا أمران ينبغي التنبيه عليهما الأول: ذهب قوم من أصحابنا إلى ثبوت الولاية العامة للفقهاء في زمان الغيبة، بمعنى أن لهم ما للإمام من المناصب والتصرفات، إلا ما خرج بالدليل فالأصل عند هؤلاء ثبوت النيابة العامة، عدا ما استثني بالأدلة، ونفاه آخرون، وقالوا بثبوت النيابة لهم فيما دل عليه دليل خاص كالإفتاء، والحكم بين الناس في الترافع، وغيرها مما ذكر في محله وهو الحق لضعف ما تمسك به الأولون، كما بيناه في الفقه.
الثاني: لو ادعى أحد من أهل مذهبنا لنفسه أو لغيره النيابة الخاصة عن الحجة (عج) في زمان غيبته الثانية، فإن علم بأن انقطاع النيابة الخاصة في الغيبة الكبرى من ضروريات المذهب، ومع ذلك ادعى النيابة الخاصة حكم بكفره، وارتداده لاستلزامه تكذيب الشارع في بعض أحكامه، وهو كفر بغير خلاف، وإشكال.
وكذا إن علم بذلك بدليل خاص، كالإجماع والأخبار ومع كونه عالما به ادعى النيابة الخاصة في هذه الغيبة، لاسلتزامه أيضا تكذيب النبي. وأما إذا لم يعلم بكونه من ضروريات المذهب، ولم يقطع به بسائر الأدلة، وحصلت له شبهة، فأنكر انقطاع النيابة الخاصة في تلك الغيبة وادعاها لنفسه، أو لغيره، فلا ريب في ضلالته وغوايته، كسائر أهل الضلال لكن في ثبوت ارتداده وخروجه بمحض ذلك عن الإسلام إشكال، إذ لم يثبت من الأدلة الشرعية كون إنكار الضروري عند أهل الإسلام سببا مستقلا للكفر والارتداد فضلا عن إنكار ضروري المذهب بل إنكار الضروري يكون سببا للكفر، إن استلزم عدم تصديق النبي (صلى الله عليه وآله) في بعض ما جاء به ولذلك يحكم بإسلام أهل السنة مع إنكارهم ما هو ضروري عندنا، من كون أمير المؤمنين (عليه السلام) خليفة سيد المرسلين بلا فصل.
وقد ذهب إلى هذا التفصيل الفقيه الكبير والمحقق الجليل، مولانا المقدس الأردبيلي على ما حكي عنه وتبعه جمع من الفقهاء، وذهب قوم إلى أن إنكار ضروري الإسلام سبب مستقل للكفر، مثل إنكار إحدى الشهادتين، مستندين إلى أخبار قاصرة الدلالة على مدعاهم
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»