فلو أراد أن يعلمه بمكانه لقدر على ذلك والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر.
فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله يفعل بحجته ما فعل بيوسف وأن يكون صاحبكم المظلوم، المجحود حقه صاحب هذا الأمر يتردد بينهم ويمشي في أسواقهم ويطأ فرشهم ولا يعرفونه حتى يأذن الله له أن يعرفهم نفسه كما أذن ليوسف حين قال له إخوته * (إنك لأنت يوسف قال أنا يوسف) *!!
أقول: تأمل أيها المؤمن المستيقن في هذا الحديث الشريف وتدبر في تعريض الإمام وإنكاره على من يزعم أن الإمام لا يتردد بين الأنام، ولا يرونه وانظر في تشبيهه من هذه الجهة بيوسف الصديق وفي هذا الحديث وما ذكرنا قبله كفاية وتصديق لأهل الإيمان والتحقيق ولا أجد في الروايات ما يتوهم منه المنافاة لما ذكرناه سوى حديثين نبين عدم منافاتهما لما بيناه لمن يأوي إلى ركن وثيق:
أحدهما: قوله في التوقيع الشريف المتقدم: فمن ادعى المشاهدة قبل السفياني والصيحة فهو كذاب (الخ).
وقد بينا في الأمر السابق عدم منافاته لما ذكرناه فراجع.
- والثاني ما في مزار البحار (1) عن بعض كتب المزار بإسناده عن أحمد بن إبراهيم، قال: شكوت إلى أبي جعفر محمد بن عثمان شوقي إلى رؤية مولانا (عليه السلام) فقال لي: مع الشوق تشتهي أن تراه فقلت له: نعم فقال لي: شكر الله شوقك وأراك وجهه في يسر وعافية، لا تلتمس يا أبا عبد الله أن تراه، فإن أيام الغيبة تشتاق إليه ولا تسأل الاجتماع معه إنها عزائم الله والتسليم لها أولى ولكن توجه إليه بالزيارة.
أقول: لا منافاة في هذ الحديث لما ذكرناه:
أما أولا: فلأنه دعا للسائل بقوله أراك وجهه، ولو كان هذا غير ممكن، أو طلبه غير مشروع لما كان يدعو له بذلك.
وأما ثانيا: فلأن هذا السؤال والجواب كانا في زمان الغيبة الأولى، وفي ذلك الزمان قد وقع الفوز بلقائه (عليه السلام) لكثير من أهل الإيمان من السفراء وغيرهم كما يظهر من الأخبار ولم نر