مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٣٢٢
للتبديل والتغيير في التقديرات الموقوفة، القابلة للمحو والإثبات، وفي التمحيص والامتحان أيضا، حكم كثيرة ومصالح خفية وجلية، يظهر لأهلها بالتتبع والتدبر في الآيات القرآنية، والروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) ولتحقيق القول فيها وبسطها مقام آخر.
والحاصل أن الله عز وجل قد أخبر بوقوع المحو والإثبات حفظا لحكم كثيرة ومصالح خفية وجلية قد أشرنا إلى بعضها، والمتدبر في الآيات والروايات يطلع على غير ما ذكرناه إن شاء الله تعالى فلو أخبر الإمام بما يؤول إليه أمر كل أحد، وبما يقع في العالم إلى الأبد لانتقض الغرض وبطلت الحكم الكثيرة الموجبة لجعل المحو والإثبات ولذا قال (عليه السلام): لولا تلك الآية لأخبرتكم بما يكون إلى يوم القيامة.
فتبين بما بيناه أن آية المحو والإثبات إنما تقتضي منعهم (عليهم السلام) عن الإخبار بما يكون إلى يوم القيامة لا نفي علمهم صلوات الله عليهم أجمعين.
تنبيه إعلم أن الذي يدل عليه الحديث المذكور وأمثاله أنهم غير مأذونين في إخبار الناس بجميع ما يقع في العالم، وهو مقتضى الحكمة أيضا ولكنهم أمروا بإظهار جملة مما يحدث في العالم لحكم كثيرة أيضا.
منها: الدلالة على صدقهم في سائر ما يحدثون به من الحوادث، والقضايا والأحكام ومسائل الحلال والحرام وغيرها.
ومنها: تكميل إيمان المؤمنين، وإتمام الحجة على الكافرين.
ومنها: تسلية قلوب أهل الإيمان وحثهم وبعثهم على انتظار صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه وظهوره ولذلك قد أخبروا بكثير مما يقع في آخر الزمان قبل ظهور الحجة (عليه السلام) وقد وقع منها أمور، ومن جملة ما وقع في زماننا هذا من العلامات التي ورد الإخبار بها عن النبي (صلى الله عليه وآله) أمران:
أحدهما: تبديل العمائم بالقلانس في هذه السنة بأمر السلطان.
والثاني: سرور العباد وتشكرهم لفقد الأولاد والسبب في ذلك أمر السلطان ".. " بأخذ
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»