مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٢٨٢
نفسك، وفكاك رقبتك وهذا لا يحصل لك إلا بذكر مولاك ليأخذ بيدك في أولاك وأخراك فإن الله تبارك وتعالى شأنه يقول * (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) * فكن وفقك الله تعالى ممن يذكر إمامه ليذكره.
فإذا أصبحت فاعلم أن حياتك التي أعطاك الله ببركته، فاشكره، واشكر الله على نعمته، وراقب نفسك لئلا تصرف هذه النعمة في غير مرضاته، فتكون لك نكالا وعليك وبالا فإن عرضت لك معصية فتذكر أن مولاك يراك في هذه الحالة القبيحة والهيئة المنكرة فاتركها إجلالا له وإن عرضت لك حسنة فاستبق إليها، واعلم أنها نعمة إلهية، أنعم الله تعالى (بها) عليك ببركة مولاك، فاشكر الله على ذلك، واجعلها هدية إلى مولاك، وصاحب زمانك وقل بلسان حالك ومقالك: * (يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين) * وكن في جميع أحوالك خاضعا خاشعا، كالعبد الذليل الواقف بين يدي مولاه الجليل وسلم عليه كل صباح ومساء سلام عبد شائق للقائه متألم بفراقه سلام مخلص يجري دموعه على خديه موقن بأنه واقف بين يديه.
وإذا حان وقت صلاتك فتذكر حال مولاك حين وقوفه بين يدي الله جل جلاله وتأس به في إحضار قلبك، وخشوع أطرافك، وغمض العين عما سوى الله تعالى، واعلم أن توفيقك لها ليس إلا ببركة مولاك، وأنها لا تقبل منك إلا بموالاته ومعرفته وكلما ازددت موالاة له، ومعرفة به، وانقيادا لأمره، زادك الله تعالى درجة وأجرا وكرامة وفخرا وإذا فرغت من صلاتك فاجعله وسيلة إلى الله عز وجل، وشفيعا في قبولها منك وابدأ بالدعاء له، قبل الدعاء لكل أحد لعظمة حقه عليك وكثرة إحسانه إليك وإذا عرضت لك حاجة أو دهتك شديدة فاعرضها عليه وتضرع إليه ليشفع إلى الله تعالى في كشفها عنك فإنه الوسيلة إلى الله عز وجل الذي يؤتى منه وقد قال الله عز شأنه * (وأتوا البيوت من أبوابها) *.
ويشهد لذلك أخبار كثيرة، وقد ألم بي في بعض ما مضى من الأعوام أمر مهم، شغل قلبي، وأطال فكري، وسلبني بعض لبي فرأيت في بعض الليالي في المنام جدي من طرف أمي، وكان من السادات الصلحاء رضي الله تعالى عنه، فرأيته في بستان من أحسن ما يوصف من البساتين، على ما كان يتمناه في زمان حياته وهو في أحسن حال، وأجمل هيئة، فسلمت عليه، فأجابني ووقع بيننا مكالمات:
(٢٨٢)
مفاتيح البحث: العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»