أقول: هذا الحديث مشهور مروي عنه (عليه السلام) في الكافي (1) والنعماني وغيرهما بتفاوت يسير وفي هذا الكلام المبارك فنون من العلم والمعرفة والتنبيه والتذكرة فعليك بالتأمل التام ليتضح لك المرام إن شاء الله تعالى.
تذكرة وإرشاد للطالب المرتاد إعلم أن المؤمنين في ذكر مولاهم (عليه السلام) بمقتضى تفاوت درجات إيمانهم ومراتب معرفتهم ويقينهم على درجات متفاوتة ومراتب مختلفة:
فمنهم من يكون حاله في ذكر مولاه كما قال الشاعر:
الله يعلم أني لست أذكركم * فكيف أذكركم إذ لست أنساكم أو كما قيل:
أما والذي لو شاء لم يخلق النوى * لئن غبت عن عيني فما غبت عن قلبي فهو غير غافل عن مولاه ولا ذاهل عما ينبغي مراعاته من آدابه في جميع أوقاته وحالاته، فهنيئا لهذا القوم، ثم هنيئا لهم على ما أوتوا من الحكمة، ورزقوا من العلم والعمل والمعرفة أسأل الله تعالى أن يجعلني منهم بمنه وجوده وكرمه، فإني كما قال الشاعر:
أحب الصالحين ولست منهم * لعل الله يرزقني صلاحا غير أني أذكر نبذا مما ينبغي تذكره، تذكرة لنفسي ولغيري من المؤمنين بحسب ما عرفته ببركة مولاي صلوات الله عليه فاعلم أنه يجب أن تستيقن أنك بمرأى ومسمع من مولاك (عليه السلام) يرى مكانك، ويعرف أحوالك، فإن كنت ممن يواظب على مراعاة الآداب التي ينبغي لك مراعاتها بالنسبة إليه نلت بذلك كمال محبته لك، ونظره إليك.
وإن كنت من أهل الغفلة والإعراض عنه، فوا أسفا عليك قال الله عز وجل: * (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى) * فأي ضنك وضيق أشد من ظلمة الغفلة والجهالة أم أي حسرة أعظم من العمى في يوم القيامة! أم أي فزع أفجع وأفظع من تلك الندامة يا لها من مصيبة ما أعظمها وأفجعها، فالبدار البدار في استخلاص