مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٢٠٨
إلى آخر الآية.
وقد بعث الله تعالى أنبياءه ورسله لتجديد تلك المبايعة وتأكيدها فمن بايعهم فقد بايع الله، ومن تولى عنهم فقد تولى عن الله ولهذا قال جل شأنه * (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) *.
وفي هذه الآية الشريفة أيضا دلالة على كون المراد بالبيعة والمبايعة هو العهد المؤكد والميثاق المسدد مع الله ورسوله، ووعد الموفين بتلك المعاهدة الأجر العظيم وهذه البيعة إنما تتم بأمرين:
أحدهما: العزم القلبي الثابت الراسخ على إطاعة أمر الإمام ونصرته ببذل النفس والمال.
كما نبه عليه في الآية الشريفة بقوله تعالى * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم) * (الخ) فإن الواجب على البائع تسليم ما يبيعه إلى المشتري إذا طلب منه من دون تأمل وتأخير وتصديق ما عقد عليه الضمير.
والثاني: إظهار ما قصده وعزم عليه قلبا بلسانه مقترنا لهما عند إرادة البيعة فإذا تمت البيعة كما أن عقد البيع لا يتحقق في سائر الأمور إلا بشيئين:
أحدهما: قصد إنشاء البيع بمقتضى ما بنى عليه المتبايعان، والآخر التلفظ باللسان بما عقدا عليه ضميرهما. وبهما يتم البيع وقد تطلق البيعة والمبايعة على المصافقة باليد، كما كان متداولا بين العرب في بعض الأحيان، عند تمامية البيع أو المبايعة ويستفاد هذا الإطلاق من قوله تعالى * (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم) * (الخ) لدلالة لفظة يد على ذلك، مضافا إلى ما ورد من أنهم كانوا يبايعون رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأيديهم فراجع.
- وفي الاحتجاج في قضية إكراه مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) على مبايعة الغاصب اللعين الأول قال: ثم مدوا يده وهو يقبضها حتى وضعوها فوق يد أبي بكر وقالوا: بايع بايع، وصيح في المسجد بايع بايع، أبو الحسن الخبر.
- وفي الاحتجاج (1) أيضا في الرواية عن مولانا الباقر (عليه السلام) أن أسامة حين ورد المدينة

(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»