قال (عليه السلام) إن الله تبارك وتعالى أدار للقائم منا ثلاثة أدارها لثلاثة من الرسل قدر مولده تقدير مولد موسى (عليه السلام) وقدر غيبته تقدير غيبة عيسى (عليه السلام) وقدر إبطائه تقدير إبطاء نوح (عليه السلام) وجعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح أعني الخضر (عليه السلام) دليلا على عمره.
فقلنا: اكشف لنا يا بن رسول الله عن وجوه هذه المعاني.
قال (عليه السلام) أما مولد موسى فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده أمر بإحضار الكهنة، فدلوه على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل فلم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود وتعذر عليه الوصول إلى قتل موسى بحفظ الله تبارك وتعالى إياه كذلك بنو أمية وبنو العباس لما وقفوا على أن زوال ملك الأمراء والجبابرة منهم على يد القائم منا ناصبونا العداوة ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول (صلى الله عليه وآله) وإبادة نسله طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم ويأبى الله عز وجل أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون.
وأما غيبة عيسى (عليه السلام) فإن اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل فكذبهم الله جل ذكره بقوله عز وجل: * (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم) * كذلك غيبة القائم فإن الأمة ستنكرها لطولها، فمن قائل يقول إنه لم يولد وقائل يقول: إنه ولد ومات وقائل يكفر بقوله: إن حادي عشرنا كان عقيما، وقائل يمرق بقوله إنه يتعدى إلى ثالث عشر فصاعدا (1) وقائل يعصي الله عز وجل بقوله: إن روح القائم ينطق في هيكل غيره.
وأما إبطاء نوح (عليه السلام): فإنه لما استنزل العقوبة على قومه من السماء بعث الله تبارك وتعالى جبرئيل الروح الأمين معه سبع نويات فقال: يا نبي الله إن الله تبارك وتعالى يقول لك إن هؤلاء خلائقي وعبادي لست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فإني مثيبك عليه فاغرس هذا النوى فإن لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت، الفرج والخلاص فبشر بذلك من اتبعك من المؤمنين.
فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وأغصنت وزهى الثمر عليها بعد زمان طويل استنجز من الله العدة فأمر الله تبارك وتعالى أن يغرس نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ويؤكد الحجة على قومه فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاثمائة