وأما المستصعب: فالمراد به ما يراه السامع ويعده صعبا وإليه الإشارة بقوله (عليه السلام) في حديث البصائر (1): وأما المستصعب فهو الذي يهرب منه إذا رئي (الخ).
وأما الخشن: فهو ضد اللين لصعوبة احتماله على غير الممتحنين.
وأما المخشوش: فهو الجمل الذي جعل في أنفه خشاش وهو بالكسر، عود يجعل في أنف البعير يشد به الزمام ليكون أسرع لانقياده فكأنه (عليه السلام) شبه حديثهم بذلك، دلالة على الأمر بحفظه وصيانته عمن لا يحتمله، ولا يؤمن به. وإنهم (عليهم السلام) لم يبينوه إلا لمن يكون أهلا لذلك.
فيجب على المؤمن أن لا يذكر أسرارهم وصفاتهم الخاصة بهم إلا لمن يطيق ذلك ويحتمله، و (هذا) معنى جعل الحديث مقيدا بالخشاش، ويدل على ذلك قوله (عليه السلام) في الحديث الذي رويناه: فانبذوا إلى الناس نبذا، فمن عرف فزيدوه، ومن أنكر فأمسكوا، الخ.
وأما الوعر: فهو بسكون العين، ضد السهل فهو تأكيد للصعب المستصعب.
الفائدة الرابعة: في معنى قوله: إن أمركم هذا عرض على الملائكة فلم يقر به إلا الممتحنون، فإنه بظاهره ينافي الأخبار الكثيرة، الدالة على أن جميع الملائكة، والنبيين، يتقربون إلى الله تعالى ويدينون بولايتهم (عليهم السلام) ويقرون بالشؤون التي جعلها الله عز وجل لهم.
- منها: ما في بصائر الدرجات (2) بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما جاورت ملائكة الله تبارك وتعالى في دنوها منه إلا بالذي أنتم عليه، وإن الملائكة ليصفون ما تصفون، ويطلبون ما تطلبون، وإن من الملائكة ملائكة يقولون: إن قولنا في آل محمد (صلى الله عليه وآله) مثل الذي جعلتهم عليه.
- وفيه (3) أيضا بإسناده عن حماد بن عيسى قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) فقال:
الملائكة أكثر أم بنو آدم؟ فقال (عليه السلام): والذي نفسي بيده لملائكة الله في السماوات أكثر من عدد التراب، وما في السماء موضع قدم، إلا وفيه ملك يقدس له ويسبح، ولا في الأرض شجرة ولا مثل غرزة، إلا وفيها ملك موكل يأتي الله كل يوم يعلمها الله أعلم بها، وما منهم