- ويشهد لذلك ما روي في أصول الكافي (1) في باب إلطاف المؤمن وإكرامه بإسناده عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) أحسن يا إسحاق إلى أوليائي ما استطعت فما أحسن مؤمن إلى مؤمن، ولا أعانه إلا خمش وجه إبليس وقرح قلبه.
أقول: دل هذا الحديث على أن إعانة المؤمن والإحسان إليه سببان لخمش وجه إبليس وقرح قلبه وقد ذكرنا مرارا أن الدعاء بتعجيل فرج مولانا صاحب الزمان إعانة وإحسان وهو أصل الإيمان ورئيس أهله فتترتب هذه الفائدة على إعانته والإحسان إليه بنحو أكمل.
السادسة والخمسون أنه يتحف يوم القيامة بتحفة مخصوصة - روى في أصول الكافي (2) في الباب المذكور بإسناده عن المفضل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن ليتحف أخاه التحفة قلت: وأي شئ التحفة؟ قال (عليه السلام) من مجلس، ومتكأ، وطعام وكسوة، وسلام فتتطاول الجنة مكافأة له ويوحي الله عز وجل إليها إني قد حرمت طعامك على أهل الدنيا إلا على نبي، أو وصي نبي، فإذا كان يوم القيامة أوحى الله عز وجل إليها أن كافئي أوليائي بتحفهم فتخرج منها وصفاء ووصائف معهم أطباق مغطاة بمناديل من لؤلؤ فإذا نظروا إلى جهنم وهولها وإلى الجنة وما فيها طارت عقولهم، وامتنعوا أن يأكلوا.
فينادي مناد من تحت العرش إن الله عز وجل قد حرم جهنم على من أكل من طعام جنته فيمد القوم أيديهم فيأكلون.
أقول: وجه الدلالة أن المراد من إتحاف المؤمن أخاه من أهل الإيمان، الإحسان إليه، بأي نحو كان مما يقدر عليه الإنسان، ولو كان باللسان. والقرينة على ذلك تمثيل الإمام (عليه السلام) بصنوف من الإكرام وخصوص ذكر السلام، يدل على أن المراد مطلق الإحسان والإنعام، وليس ذكر تلك الأقسام في المقام إلا من باب المثال تقريبا إلى أفهام الخواص والعوام.
إذا تقرر ذلك فنقول: لا ريب في أن الدعاء للمؤمن من أوضح أصناف الإحسان وأعلاها،