مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٤٢٦
المعصومين. ولهذا شواهد عديدة في الأخبار، لا تخفى على المتتبع فيها بعين الاعتبار.
الفائدة الثالثة: في بيان معنى الصعب والمستصعب، وسائر الألفاظ المذكورة في تلك الروايات المأثورة.
أما الصعب: فهو نقيض الذلول فالذلول ما يذل ويلين لكل أحد بخلاف الصعب.
قال في مجمع البحرين (1) الصعب نقيض الذلول، يقال صعب الشئ بضم الثاني صعوبا، صار صعبا شاقا. انتهى.
ويؤيده ما مر في الباب الرابع في شباهة مولانا صاحب الزمان بذي القرنين، والمراد به هنا المقام الذي لا يليق بغيرهم، ولا يتمكن أحد من الخلق غيرهم أن يناله، ويدركه من الشؤون التي خصهم الله تعالى بحيث لا تناله يد أحد من الملائكة المقربين، والأنبياء المرسلين.
- ويدل على ما ذكرناه، ويشهد له، ما رواه في بصائر الدرجات (2) عن المفضل قال:
قال أبو جعفر (عليه السلام): إن حديثنا صعب مستصعب، ذكوان، أجرد لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل، ولا عبد امتحن الله قلبه للإيمان. أما الصعب فهو الذي لم يركب بعد، وأما المستصعب فهو الذي يهرب منه إذا رئي، الخبر.
وسنذكره بتمامه مع بيان معناه والجمع بينه وبين الأخبار السابقة في بعض الفوائد اللاحقة إن شاء الله تعالى.
ويشهد لما ذكرناه أيضا من كون المراد بالصعب: المقام الذي خصهم الله تعالى به دون سائر خلقه:
- ما في تفسير (3) الإمام العسكري (عليه السلام) في قوله تعالى: * (ولا تقربا هذه الشجرة) * (4).
شجرة العلم علم محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله)، الذين آثرهم الله تعالى عز وجل به دون سائر خلقه فقال الله تعالى: * (لا تقربا هذه الشجرة) * شجرة العلم، فإنها لمحمد وآله خاصة دون

١ - بصائر الدرجات: ١١٩ مادة صعب.
٢ - بصائر الدرجات: ٢٤ باب ١١ ح ١٦.
٣ - بصائر الدرجات: ٧٤، البحار: ١١ / ١٨٩ / ح ٤٧.
٤ - سورة البقرة: ٣٥.
(٤٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 ... » »»