إن بني إسرائيل قحطوا حتى هلكت المواشي والنسل، فدعا الله موسى بن عمران فقال:
يا موسى إنهم أظهروا الزنا والربا وعمروا الكنائس وأضاعوا الزكاة فقال: إلهي! تحنن برحمتك عليهم، فإنهم لا يعقلون فأوحى الله إليه: إني مرسل قطر السماء ومختبرهم بعد أربعين يوما، فأذاعوا ذلك وأفشوه، فحبس عنهم القطر أربعين سنة. وأنتم قد قرب أمركم فأذعتموه في مجالسكم، إلى أن قال (عليه السلام): يا بن النعمان، لا يكون العبد مؤمنا حتى تكون فيه ثلاث سنن سنة من الله، وسنة من رسوله، وسنة من الإمام.
فأما السنة من الله جل وعز فهو أن يكون كتوما للأسرار: يقول الله جل ذكره * (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا) *.
وأما التي من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهو أن يداري الناس ويعاملهم بالأخلاق الحنيفية.
وأما التي من الإمام فالصبر في البأساء والضراء حتى يأتيه الله بالفرج. الخبر.
والحاصل من تلك الأخبار وغيرها أن الاحتمال المأمور به، المقصود في كلماتهم (عليهم السلام) يتقوم بثلاثة أمور:
الأول: معرفة أمورهم وفضلهم.
والثاني: قبولها والتسليم لها.
والثالث: صونها عن غير أهلها. ولما كان بعض الملائكة والنبيين بحسب مراتبهم قاصرين عن معرفة بعض خصائص الأئمة وغرائب فضائلهم قال (عليه السلام) لا يحتمله إلا ملك مقرب الخ.
فإن عدم احتمالهم إنما هو من حيث قصورهم عن المعرفة ببعض ما خص الله تعالى به محمدا وآله المعصومين لا من حيث عدم التسليم فإنه كفر بالله العظيم كما مر في الرواية في آخر الفائدة الأولى من الفوائد السابقة بل لهم أسرار وعلوم لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل (1).
- روى في البصائر (2) بإسناده عن أبي الصامت قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن من حديثنا ما لا يحتمله ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا عبد مؤمن. قلت: فمن يحتمله؟
قال (عليه السلام): نحن نحتمله.